إلا إن كان إبراهيم فعله على سبيل الوجوب فإنه من الجائز أن يكون فعله على سبيل الندب، فيحصل امتثال الامر باتباعه على وفق ما فعل، وقد تقرر أن الأفعال لا تدل على الوجوب. وأيضا فباقي الكلمات العشر ليست واجبة. وقال الماوردي: إن إبراهيم لا يفعل ذلك في مثل سنة إلا عن أمر من الله. والحاصل أن الاستدلال بفعل إبراهيم على الوجوب يتوقف على أنه كان عليه واجبا، فإن ثبت ذلك استقام الاستدلال.
وعن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس مثل من أنت حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: أنا يومئذ مختون وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك رواه البخاري.
قوله: حتى يدرك الادراك في أصل اللغة بلوغ الشئ وقته وأراد به ههنا البلوغ.
والحديث يدل على ما أسلفناه من أن الختان غير مختص بوقت معين، وقد تقدم الكلام فيه في الحديث الذي قبله. ومن فوائد هذا الحديث أن ابن عباس كان عند موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سن البلوغ، وسيأتي ذكر الاختلاف في عمره عند موت النبي (ص) في باب ما يقطع الصلاة بمروره من أبواب السترة.
وعن ابن جريج قال: أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: قد أسلمت، قال: ألق عنك شعر الكفر، يقول احلق، قال: وأخبرني آخر معه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لآخر: ألق عنك شعر الكفر واختتن رواه أحمد وأبو داود.
وأخرجه أيضا الطبراني وابن عدي والبيهقي، قال الحافظ: وفيه انقطاع وعثيم وأبوه مجهولان قاله ابن القطان، وقال عبدان: هو عثيم بن كثير بن كليب والصحابي هو كليب وإنما نسب عثيم في الاسناد إلى جده وقد وقع مبينا في رواية الواقدي، أخرجه ابن منده في المعرفة، وقال ابن عدي: الذي أخبر ابن جريج به هو إبراهيم بن أبي يحيى، وعثيم بضم العين المهملة ثم ثاء مثلثة بلفظ التصغير. والحديث استدل به من قال بوجوب الختان لما فيه من لفظ الامر به وقد تقدم الكلام عليه.
(فائدة) اختلف في ختان الخنثى فقيل: يجب ختانه في فرجيه قبل البلوغ. وقيل:
لا يجوز حتى يتبين وهو الأظهر قاله النووي. وأما من له ذكران فإن كانا عاملين وجب ختانهما، وإن كان أحدهما عاملا دون الآخر ختن، وإذا مات إنسان قبل أن يختتن