الفرد المحال عليه هو الماء فلا يجوز العدول إلى غيره للمزية التي اختص بها وعدم مساواة غيره له فيها، وإن كان ذلك الفرد غير الماء جاز العدول عنه إلى الماء لذلك، وإن وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من الشارع إلا حالة في تطهيره على فرد من أفراد المطهرات، بل مجرد الامر بمطلق التطهير، فالاقتصار على الماء هو اللازم لحصول الامتثال به بالقطع وغيره مشكوك فيه، وهذه طريقة متوسطة بين القولين لا محيص عن سلوكها.
(فإن قلت): مجرد وصف الماء بمطلق الطهورية لا يوجب له المزية، فإن التراب يشاركه في ذلك.
قلت: وصف التراب بالطهورية مقيد بعدم وجدان الماء بنص القرآن فلا مشاركة بذلك الاعتبار (واعلم) أن دم الحيض نجس بإجماع المسلمين كما قال النووي: وللحديث فوائد منها ما يأتي بيانه في باب الحيض، ومنها ما ذكره المصنف ههنا فقال: وفيه دليل على أن دم الحيض لا يعفى عن يسيره وإن قل لعمومه، وإن طهارة السترة شرط للصلاة، وأن هذه النجاسة وأمثالها لا يعتبر فيها تراب ولا عدد، وأن الماء متعين لإزالة النجاسة اه.
وقد عرفت ما سلف.
وعن أبي هريرة: أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، قال: فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم ثم صلي فيه، قالت:
يا رسول الله إن لم يخرج أثره؟ قال: يكفيك الماء ولا يضرك أثره. رواه أحمد وأبو داود. وعن معاذة قالت: سألت عائشة عن الحائض يصيب ثوبها الدم فقالت تغسله، فإن لم يذهب أثره فلتغيره بشئ من صفرة، قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله (ص) ثلاث حيض جميعا لا أغسل لي ثوبا. رواه أبو داود.
الحديث الأول أخرجه الترمذي أيضا، وأخرجه أحمد وأبو داود والبيهقي من طريقين عن خولة بنت يسار وفيه ابن لهيعة. قال إبراهيم الحربي: لم يسمع بخولة بنت يسار إلا في هذا الحديث، قال ابن حجر: وإسناده ضعيف. ورواه الطبراني في الكبير من حديث خولة بنت حكيم الأنصارية. قال ابن حجر أيضا: وإسناده أضعف من الأول. والحديث الثاني أخرجه أيضا الدارمي. قوله: ولا يضرك أثره استدل به على عدم وجوب استعمال الحواد وهو مذهب الناصر والمنصور بالله وكثير من أصحاب الشافعي وأكثر أصحاب أبي حنيفة. وذهب الشافعي ورواه الامام يحيى عن العترة إلى أنه يجب استعمال الحاد المعتاد لما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان من حديث أم قيس بنت محصن مرفوعا بلفظ: حكيه بضلع