الجماعة جعل حضور الطعام عذرا في تركها. وقد استدل أيضا بهذه الأحاديث على التوسعة في وقت المغرب وقد تقدم الكلام في ذلك، وقد ألحق بالطعام ما يحصل بتأخيره تشويش الخاطر بجامع ذهاب الخشوع الذي هو روح الصلاة. وقوله: إذا حضر العشاء ووضع عشاء أحدكم دليل على اعتبار الحضور الحقيقي، ومن نظر إلى المعنى من أهل القياس لا يقصر الحكم على الحضور، بل يقول به عند وجود المعنى وهو التشوق إلى الطعام، ولا شك أن حضور الطعام مؤثر لزيادة الاشتغال به والتطلع إليه، ويمكن أن يكون الشارع قد اعتبر هذه الزيادة في تقديم الطعام، وقد تقرر في الأصول أن محل النص إذا اشتمل على وصف يمكن أن يكون معتبرا لم يلغ. قال ابن دقيق العيد أنه لا يبعد إلحاق ما كان متيسر الحضور عن قرب بالحاضر.
باب جواز الركعتين قبل المغرب عن أنس قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبتدرون السواري حتى يخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم كذلك يصلون ركعتين قبل المغرب ولم يكن بين الأذان والإقامة شئ وفي رواية:
إلا قليل رواه أحمد والبخاري. وفي لفظ: كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقيل له: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا رواه مسلم وأبو داود.
تقريره صلى الله عليه وآله وسلم لمن رآه يصلي في ذلك الوقت يدل على عدم كراهة الصلاة فيه، ولا سيما والفاعل لذلك عدد كثير من الصحابة، وفي المسألة مذهبان للسلف استحبهما جماعة من الصحابة والتابعين، ومن المتأخرين أحمد وإسحاق، ولم يستحبهما الأربعة الخلفاء رضي الله عنهم وآخرون من الصحابة ومالك وأكثر الفقهاء.
وقال النخعي: هما بدعة احتج من قال بالاستحباب بما في هذا الباب من الأحاديث الصحيحة، وبما أخرجه ابن حبان من حديث عبد الله بن مغفل: أن النبي صلى قبل المغرب ركعتين فقد ثبتتا عنه صلى الله عليه وآله وسلم قولا كما سيأتي، فعلا وتقريرا،