لا بد منه وقد ضعف بمحمد بن الأزهري الجوزجاني، وقد رواه البيهقي لا من طريقه، فرواه عن أبي سعيد أحمد بن محمد الصوفي عن ابن عدي الحافظ عن عبد الله بن سليمان بن الأشعث عن الحسين بن علي بن مهران عن عصام بن يوسف عن ابن المبارك عن ابن جريج عن سليمان بن يسار عن الزهري عن عروة عنها. إذا تقرر هذا علمت أن المذهب الحق وجوب المضمضة والاستنشاق والاستنثار. قوله: ثم غسل وجهه ثلاث مرات وكذلك سائر الأعضاء إلا الرأس فإنه لم يذكر فيه العدد، فيه دليل على أن السنة الاقتصار في مسح الرأس على واحدة لأن المطلق يصدق بمرة، وقد صرحت الأحاديث الصحيحة بالمرة وفيه خلاف، وسيأتي الكلام على ذلك في باب هل يسن تكرار مسح الرأس؟ وقد أجمع العلماء على أن الواجب غسل الأعضاء مرة واحدة وأن الثلاث سنة، لثبوت الاقتصار من فعله صلى الله عليه وآله وسلم على مرة واحدة ومرتين، وسيأتي لذلك باب في هذا الكتاب. وقد استدل بما وقع في حديث الباب من الترتيب بثم على وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء، وقال ابن مسعود ومكحول ومالك وأبو حنيفة وداود والمزني والثوري والبصري وابن المسيب وعطاء والزهري والنخعي أنه غير واجب، ولا ينتهض الترتيب بثم في حديث الباب على الوجوب لأنه من لفظ الراوي، وغايته أنه وقع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم على تلك الصفة والفعل بمجرده لا يدل على الوجوب، نعم قوله في آخر الحديث: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه يشعر بترتيب المغفرة المذكورة على وضوء مرتب على هذا الترتيب، وأما أنه يدل على الوجوب فلا. وقد استدل على الوجوب بظاهر الآية وهو متوقف على إفادة الواو للترتيب، وهو خلاف ما عليه جمهور النحاة وغيرهم. وأصرح أدلة الوجوب حديث أنه (ص): توضأ على الولاء ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وفيه مقال لا أظنه ينتهض معه. وقد خلط فيه بعض المتأخرين فخرجه من طرق وجعل بعضها شاهد البعض، وليس الامر كما ذكر، فليراجع الحديث في مظانه، فإن التكلم على ذلك ههنا يقضي إلى تطويل يخرجنا عن المقصود. وسيأتي التصريح بما هو الحق في الباب الذي بعد هذا. قوله: إلى المرفقين المرفق فيه وجهان: أحدهما فتح الميم وكسر الفاء، والثاني عكسه لغتان. واتفق العلماء على وجوب غسلهما، ولم يخالف في ذلك الأزفر وأبو بكر بن داود الظاهري، فمن قال بالوجوب جعل إلى في الآية بمعنى مع، ومن لم يقل به جعلها لانتهاء الغاية. واستدل
(١٧٥)