رجل صيغة عموم فيدخل تحته من لم يجد ترابا ووجد غيره من أجزاء الأرض. قال ابن دقيق العيد: ومن خصص التيمم بالتراب يحتاج إلى أن يقيم دليلا يخص به هذا العموم، أو يقول: دل الحديث على أنه يصلي وأنا أقول بذلك فيصلي على الحالة ويرد عليه حديث الباب فإنه بلفظ فعنده مسجده وعنده طهوره. وقد استدل المصنف بالحديث على اشتراط دخول الوقت للتيمم لتقييد الامر بالتيمم بإدراك الصلاة، وإدراكها لا يكون إلا بعد دخول الوقت قطعا. وقد ذهب إلى ذلك الاشتراط العترة والشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وداود واستدلوا بقوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) * (المائدة: 6) ولا قيام قبله والوضوء خصه الاجماع والسنة. وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجزي قبل الوقت كالوضوء وهذا هو الظاهر، ولم يرد ما يدل على عدم الاجزاء، والمراد بقوله:
* (إذا قمتم) * إذا أردتم القيام، وإرادة القيام تكون في الوقت وتكون قبله، فلم يدل دليل على اشتراط الوقت حتى يقال خصص الوضوء الاجماع.
باب من وجد ما يكفي بعض طهارته يستعمله عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم متفق عليه.
هذا الحديث أصل من الأصول العظيمة، وقاعدة من قواعد الدين النافعة، وقد شهد له صريح القرآن قال الله تعالى: * (فاتقوا الله ما استطعتم) * (التغابن: 16) فلك الاستدلال بالحديث على العفو عن كل ما خرج عن الطاقة، وعلى وجوب الاتيان بما دخل تحت الاستطاعة من المأمور به وأنه ليس مجرد خروج بعضه عن الاستطاعة موجبا للعفو عن جميعه. وقد استدل به المصنف على وجوب استعمال الماء الذي يكفي لبعض الطهارة وهو كذلك، وقد خالف في ذلك زيد بن علي والناصر والحنفية فقالوا: يسقط استعمال الماء لأن عدم بعض المبدل يبيح الانتقال إلى البدل.