وعمر وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياما، وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النهي عنه شئ، انتهى.
وعن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبول الرجل قائما رواه ابن ماجة.
الحديث في إسناده عدي بن الفضل وهو متروك، وقد عرفت ما قاله الحافظ من عدم ثبوت شئ في النهي عن البول من قيام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد حكى ابن ماجة عن بعض مشايخه أنه قال: كان من شأن العرب البول من قيام، ويدل عليه ما في حديث عبد الرحمن ابن حسنة الذي أخرجه النسائي وابن ماجة وغيرهما فإن فيه:
بال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسا فقلنا انظروا إليه يبول كما تبول المرأة وما في حديث حذيفة بلفظ: فقام كما يقوم أحدكم وذلك يشعر بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخالفهم ويقعد لكونه أستر وابعد من مماسة البول قال الحافظ في الفتح: وهو يعني حديث عبد الرحمن صحيح صححه الدارقطني وغيره، ويدل عليه حديث عائشة الذي رواه أبو عوانة في صحيحه والحاكم بلفظ: ما بال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائما منذ أنزل عليه القرآن ويدل عليه أيضا حديثها السالف وقد روي عن أبي موسى التشديد في البول من قيام فروي عنه أنه رأى رجلا يبول قائما فقال: ويحك أفلا قاعدا، ثم ذكر قصة بني إسرائيل من أنه كان إذا أصاب جسد أحدهم البول قرضه. وقد ذهبت العترة والأكثر إلى كراهة البول قائما، وذهب أبو هريرة والشعبي وابن سيرين إلى عدم الكراهة، والحديث لو صح وتجرد عن الصوارف لصلح متمسكا للتحريم ولكنه لم يصح كما قاله الحافظ، وعلى فرض الصحة فالصارف موجود فيكون البول من قيام مكروها، وقد عرفت بقية الكلام في الحديث الأول.
وعن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انتهى إلى سباطة قوم فبال قائما فتنحيت فقال: ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ ومسح على خفيه رواه الجماعة. والسباطة: ملقى التراب والقمام.
قوله: سباطة قوم السباطة بمهملة مضمومة بعدها موحدة هي المزبلة، والكناسة تكون بفناء الدور مرفقا لأهلها، وتكون في الغالب سهلة لا يرتد فيها البول على البائل، وإضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك، لأنها لا تخلو عن النجاسة، وبهذا يندفع