غيركم ولم تصل يومئذ إلا بالمدينة ثم قال: صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل رواه النسائي.
الحديث رجال إسناده في سنن النسائي رجال الصحيح إلا شيخ النسائي عمرو بن عثمان وهو صدوق. والحديث متفق عليه من حديثها بنحو هذا اللفظ. وفي الباب عن زيد بن خالد أشار إليه الترمذي. وعن ابن عمر عند مسلم. وعن معاذ عند أبي داود.
وعن أبي بكرة رواه الخلال من حديث عبد الله بن أحمد عن أبيه. وعن علي عليه السلام عند البزار. وعن أبي سعيد وعائشة وأنس وأبي هريرة وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وسيأتي. قوله: أعتم أي دخل في العتمة ومعناه أخرها، والعتمة لغة: حلب بعد هوى من الليل بعدا من الصعاليك. والمراد بها هنا صلاة العشاء، وإنما سميت بذلك لوقوعها في ذلك الوقت. وفي القاموس: والعتمة محركة ثلث الليل الأول بعد غيبوية الشفق أو وقت صلاة العشاء الآخرة اه. وهذا الحديث يدل على استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها، وقد اختلف العلماء هل الأفضل تقديمها أم تأخيرها؟
وهما مذهبان مشهوران للسلف، وقولان لمالك والشافعي. فذهب فريق إلى تفضيل التأخير محتجا بهذه الأحاديث المذكورة في هذا الباب، وذهب فريق آخر إلى تفضيل التقديم محتجا بأن العادة الغالبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي التقديم، وإنما أخرها في أوقات يسيرة لبيان الجواز والشغل والعذر، ولو كان تأخيرها أفضل لواظب عليه وإن كان فيه مشقة، ورد بأن هذا إنما يتم لو لم يكن منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا مجرد الفعل لها في ذلك الوقت، وهو ممنوع لورود الأقوال كما في حديث ابن عباس وأبي هريرة وعائشة وغير ذلك، وفيها تنبيه على أفضلية التأخير، وعلى أن ترك المواظبة عليه لما فيه من المشقة كما صرحت بذلك الأحاديث، وأفعاله صلى الله عليه وآله وسلم لا تعارض هذه الأقوال، وأما ما ورد من أفضلية أول الوقت على العموم فأحاديث هذا الباب خاصة فيجب بناؤه عليها وهذا لا بد منه. قوله: ولم تصل يومئذ إلا بالمدينة أي لم تصل بالهيئة المخصوصة وهي الجماعة إلا بالمدينة ذكر معناه في الفتح. قوله: فيما بين أن يغيب الشفق الخ، قد تقدم أن تحديد أول وقت العشاء بغيبوبة الشفق أمر مجمع عليه، وإنما وقع الخلاف هل هو الأحمر أو الأبيض وقد سلف ما هو الحق.
وعن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم