لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في علم الدين كتاب مثله وقد رزق القبول من كافة الناس علي اختلاف مذاهبهم فصار حكما بين العلماء وطبقات المحدثين ولكل واحد فيه ورد ومنه شرب وعليه معول أهل العراق ومصر وبلاد المغرب وكثير من مدن أقطار الأرض: قال قال أبو داود ما ذكرت في كتابي حديثنا أجمع الناس على تركه. قاله الخطابي أيضا هو أحسن وضعا وأكثر فقها من الصحيحين * وأما ابن ماجة فهو أبو عبد الله محمد بن يزيد بن عبد الله بن ماجة القزويني مولى ربيعة بن عبد الله: ولد سنة تسع ومائتين ومات يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان سنة ثلاث أو خمس وسبعين ومائتين وهو أحد الاعلام المشاهير ألف سننه المشهورة وهي إحدى السنن الأربع واحدي الأمهات الست وأول من عدها من الأمهات ابن طاهر في الأطراف ثم الحافظ عبد الغني: قال ابن كثير أنها كتاب مفيد قوى التبويب في الفقه رحل ابن ماجة وطوف الأقطار وسمع من جماعة منهم أصحاب مالك والليث وروى عنه جماعة منهم أبو الحسن القطان والعلامة لما رواه البخاري ومسلم أخرجاه ولبقيتهم رواه الخمسة ولهم سبعتهم رواه الجماعة: ولا حمد مع البخاري ومسلم متفق عليه وفيما سوي ذلك أسمى من رواه منهم ولم أخرج فيما عزوته عن كتبهم الا في مواضع يسيرة وذكرت في ضمن ذلك شيئا يسيرا من آثار الصحابة رضي الله عنهم ورتبت الأحاديث في هذا الكتاب على ترتيب فقهاء أهل زماننا لتسهل علي مبتغيها وترجمت لها أبوابا ببعض ما دلت عليه من الفوائد ونسأل الله أن يوفقنا للصواب ويعصمنا من كل خطأ وزلل إنه جواد كريم قوله ولا حمد مع البخاري الخ المشهور عند الجمهور أن المتفق عليه هو ما اتفق عليه الشيخان من دون اعتبار أن يكون معهما غيرهما والمصنف رحمة الله قد جعل المتفق عليه ما اتفقا عليه وأحمد ولا مشاحة في الاصطلاح.
قوله. ولم أخرج هو من الخروج لا من التخريج أي أنه اقتصر في كتابه هذا على العزو إلي الأئمة المذكورين وقد يخرج عن ذلك في مواضع يسيرة فيروى عن غيرهم كالدار قطني والبيهقي وسعيد بن منصور والأثرم. واعلم أن ما كان من الأحاديث في الصحيحين أو في أحدهما جاز الاحتجاج به من دون بحث لأنهما التزما الصحة وتلقت ما فيهما الأمة بالقبول قال ابن الصلاح إن العلم اليقيني النظري واقع بما أسناده لأن ظن المعصوم لا يخطئ وقد سبقه إلى مثل ذلك محمد بن طاهر المقدسي وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف واختاره ابن كثير وحكاه ابن تيمية عن أهل الحديث وعن السلف وعن جماعات كثيرة من الشافعية والحنابلة والأشاعرة والحنفية وغيرهم قال النووي