لتوجه ذلك النفي إلى الكمال لا إلى الصحة كحديث: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد فلا وجوب. ويؤيد ذلك حديث ذكر الله على قلب المؤمن سمى أو لم يسم. واحتج البيهقي على عدم الوجوب بحديث: لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله وتقريره أن التمام لم يتوقف على غير الاسباغ فإذا حصل حصل. واستدل النسائي وابن خزيمة والبيهقي على استحباب التسمية بحديث أنس قال: طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضوءا فلم يجد فقال: هل مع أحد منكم ماء فوضع يده في الاناء فقال: توضأوا باسم الله وأصله في الصحيحين بدون قوله: توضأوا باسم الله. وقال النووي: يمكن أن يحتج في المسألة بحديث أبي هريرة: كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم ولا يخفى على الفطن ضعف هذه المستندات وعدم صراحتها وانتفاء دلالتها على المطلوب، وما في الباب إن صلح للاحتجاج أفاد مطلوب القائل بالفرضية لما قدمنا، ولكنه صرح ابن سيد الناس في شرح الترمذي بأنه قد روي في بعض الروايات لا وضوء كاملا، وقد استدل به الرافعي، قال الحافظ: لم أره هكذا انتهى. فإن ثبتت هذه الزيادة من وجه معتبر فلا أصرح منها في إفادة مطلوب القائل بعدم وجوب التسمية. وقد استدل من قال بالوجوب على الذاكر فقط بحديث: من توضأ وذكر اسم الله كان طهورا لجميع بدنه وقد تقدم الكلام عليه. قالوا: فحملنا أحاديث الباب على الذاكر وهذا على الناسي جمعا بين الأدلة ولا يخفى ما فيه.
باب استحباب غسل اليدين قبل المضمضة وتأكيده لنوم الليل عن أوس بن أوس الثقفي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ فاستوكف ثلاثا أي غسل كفيه رواه أحمد والنسائي.
الحديث رجاله عند النسائي ثقات إلا حميد بن مسعدة فهو صدوق. قوله: أوس بن أوس ويقال ابن أبي أوس في صحبته خلاف وقد ذكره أبو عمر في الصحابة. وهذا الحديث معناه في الصحيحين من حديث عثمان بلفظ: فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما. وقال في آخره: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ نحو وضوئي هذا وسيأتي في هذا الكتاب. وأخرج أبو داود من حديث عثمان أيضا بلفظ: أفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثم غسلهما إلى الكوعين وثبت نحوه أيضا من حديث علي عليه