القرافي فادعى أن الرواية بلفظ: وأبيه لم تصح وكأنه لم يرتض الجواب فعدل إلى رد الخبر وهو صحيح لا مرية فيه. قال الحافظ: وأقوى الأجوبة الأولان. والحديث يدل على فرضية الصلاة وما ذكر معها على العباد. قال المصنف رحمه الله: وفيه مستدل لمن لم يوجب صلاة الوتر ولا صلاة العيد انتهى. وقد أوجب قوم الوتر وآخرون ركعتي الفجر. وآخرون صلاة الضحى. وآخرون صلاة العيد. وآخرون ركعتي المغرب. وآخرون صلاة التحية. ومنهم من لم يوجب شيئا من ذلك، وجعل هذا الحديث صارفا لما ورد بعده من الأدلة المشعرة بالوجوب. وفي الحديث أيضا دليل على عدم وجوب صوم عاشوراء وهو إجماع، وأنه ليس في المال حق سوى الزكاة وفيه غير ذلك، وفي جعل هذا الحديث دليلا على عدم وجوب ما ذكر نظر عندي، لأن ما وقع في مبادئ التعاليم لا يصح التعلق به في صرف ما ورد بعده، وإلا لزم قصر واجبات الشريعة بأسرها على الخمس المذكورة، وأنه خرق للاجماع وإبطال الجمهور الشريعة، فالحق أنه يؤخذ بالدليل المتأخر إذا ورد موردا صحيحا، ويعمل بما يقتضيه من وجوب أو ندب أو نحوهما، وفي المسألة خلاف وهذا أرجح القولين. والبحث مما ينبغي لطالب الحق أن يمعن النظر فيه ويطيل التدبر، فإن معرفة الحق فيه من أهم المطالب العلمية لما ينبني عليه من المسائل البالغة إلى حد يقصر عند العد. وقد أعان الله وله الحمد على جمع رسالة في خصوص هذا المبحث، وقد أشرت إلى هذه القاعدة في عدة مباحث في غير هذا الباب وهذا موضع عرض ذكرها فيه.
باب قتل تارك الصلاة عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الاسلام وحسابهم على الله عز وجل متفق عليه.
ولأحمد مثله من حديث أبي هريرة.
قوله: أمرت قال الخطابي: معلوم أن المراد بقوله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله أهل الأوثان دون أهل الكتاب، لأنهم يقولون لا إله إلا الله