وقال البخاري في الأوسط: حدثنا علي بن المديني قال قلت لسفيان: إن أبا علقمة الفروي روى عن ابن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أكل لحما ولم يتوضأ فقال: أحسبني سمعت ابن المنكدر، قال: أخبرني من سمع جابر، قال الحافظ: ويشهد لأصل الحديث ما أخرجه البخاري في الصحيح عن سعيد بن الحرث قلت لجابر: الوضوء مما مست النار، قال لا، وللحديث شاهد من حديث محمد بن مسلمة أجره الطبراني في الأوسط ولفظه: أكل آخر أمره لحما ثم صلى ولم يتوضأ وقال النووي في شرح مسلم: حديث جابر صحيح، رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة. والحديث يدل على عدم وجوب الوضوء مما مسته النار، وقد تقدم الكلام على ذلك. قال المصنف رحمه الله وهذه النصوص إنما تنفي الايجاب لا الاستحباب ولهذا قال للذي سأله: أتتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ ولولا أن الوضوء من ذلك مستحب لما أذن فيه لأنه إسراف وتضييع للماء بغير فائدة، انتهى.
باب فضل الوضوء لكل صلاة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي لامرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك رواه أحمد بإسناد صحيح.
الحديث أخرج نحوه النسائي وابن خزيمة والبخاري تعليقا من حديثه، وروى نحوه ابن حبان في صحيحه من حديث عائشة، وهو يدل على عدم وجوب الوضوء عند القيام إلى الصلاة وهو مذهب الأكثر، بل حكى النووي عن القاضي عياض أنه أجمع عليه أهل الفتوى ولم يبق بينهم خلاف، وقد قدمنا الكلام على ذلك في باب إيجاب الوضوء للصلاة والطواف ومس المصحف.
وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ عند كل صلاة، قيل له: فأنتم كيف تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم نحدث رواه الجماعة إلا مسلما.
قوله: عند كل صلاة قال الحافظ: أي مفروضة، زاد الترمذي من طريق حميد عن أنس طاهرا أو غير طاهر. وظاهره أن تلك كانت عادته. قال الطحاوي: يحتمل أن