الماء المستبحر الكثير جدا لا تؤثر فيه النجاسة، وحملته الشافعية على ما دون القلتين لأنهم يقولون إن قدر القلتين فما فوقهما لا ينجس إلا بالتغير. وقيل حديث القلتين عام في الأنجاس فيخص ببول الآدمي، ورد بأن المعنى المقتضى للنهي هو عدم التقرب إلى الله بالمتنجس، وهذا المعنى يستوي فيه سائر النجاسات، ولا يتجه تخصيص بول الآدمي منها بالنسبة إلى هذا المعنى. قوله: ثم يتوضأ منه فيه دليل على أن النهي لا يختص بالغسل بل الوضوء في معناه، ولو لم يرد هذا لكان معلوما لاستواء الوضوء والغسل في المعنى المقتضي للنهي كما تقدم. قوله: ثم يغتسل منه هذا اللفظ ثابت أيضا في البخاري من طريق أبي الزناد، وللبخاري ومسلم من طريق أخرى ثم يغتسل فيه. قال ابن دقيق العيد: وكل واحد من اللفظين يفيد حكما بالنص وحكما بالاستنباط انتهى، وذلك لأن الرواية بلفظ فيه تدل على منع الانغماس بالنص وعلى منع التناول بالاستنباط، والرواية بلفظ منه بعكس ذلك. وقد استدل بهذا الحديث أيضا على نجاسة المستعمل، وعلى أنه طاهر مسلوب الطهورية، وقد تقدم الكلام على البحثين. قال المصنف رحمه الله تعالى:
ومن ذهب، إلى خبر القلتين حمل هذا الخبر على ما دونهما، وخبر بئر بضاعة على ما بلغهما جمعا بين الكل انتهى. وقد تقدم تحقيق ذلك.
باب أسئار البهائم حديث ابن عمر في القلتين يدل على نجاستها، وإلا يكون التحديد بالقلتين في جواب السؤال عن ورودها على الماء عبثا. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات رواه مسلم والنسائي.
الحديث له ألفاظ هذا أحدها. وفي الباب أحاديث منها عن عبد الله بن مغفل وسيأتي في باب اعتبار العدد في الولوغ. وحديث ابن عمر الذي أشار إليه المصنف في القلتين تقدم. وقد استدل به على نجاسة أسئار البهائم لمذكره. قوله: إذا ولغ قال في الفتح يقال: ولغ يلغ بالفتح فيهما إذا شرب بطرف لسانه فيه فحركه، قال ثعلب: