في ذلك ما لا ينحصر من المسائل، قال: ومن ههنا عظموا هذا الحديث إلى آخر كلامه.
ويدل على صحة كلامه أحاديث كثيرة واردة بثبوت الاجر لمن نوى خيرا ولم يعمله كحديث رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل بعلمه في ماله وينفقه في حقه ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل العمل الذي يعمل فهما في الاجر سواء قال الحافظ: والمراد أنه يحصل إذا عمله بشرائطه أو حال دون عمله له ما يعذر شرعا بعدم عمله، والمراد بعدم الحصول إذا لم تقع النية لا خصوصا ولا عموما، أما إذا لم ينو شيئا مخصوصا لكن كانت هناك نية تشمله فهذا مما اختلف فيه أنظار العلماء ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى. قوله: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله الهجرة الترك والهجرة إلى الشئ الانتقال إليه عن غيره. وفي الشرع ترك ما نهى الله عنه، وقد وقعت في الاسلام على وجوه: الهجرة إلى الحبشة. والهجرة إلى المدينة. وهجرة القبائل. وهجرة من أسلم من أهل مكة. وهجرة من كان مقيما بدار الكفر. والهجرة إلى الشام في آخر الزمان عند ظهور الفتن. وأخرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سيكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها ورواه أيضا أحمد في المسند. قوله: فهجرته إلى الله ورسوله وقع الاتحاد بين الشرط والجزاء وتغايرهما لا بد منه، وإلا لم يكن كلاما مفيدا. وأجيب بأن التقدير فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدا فهجرته إلى الله ورسوله حكما وشرعا فلا اتحاد. وقيل:
يجوز الاتحاد في الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر لقصد التعظيم أو التحقير كانت أنت أي العظيم أو الحقير. ومنه قول أبي النجم: وشعري أي التعظيم. وقيل: الخبر محذوف في الجملة الأولى منهما أي فهجرته إلى الله ورسوله محمودة أو مثاب عليها، وفهجرته إلى ما هاجر إليه مذمومة أو قبيحة أو غير مقبولة. قوله: دنيا يصيبها بضم الدال وحكى ابن قتيبة كسرها وهي فعلى من الدنو أي القرب سميت بذلك لسبقها للأخرى. وقيل:
لدنوها إلى الزوال. واختلف في حقيقتها فقيل ما على الأرض من الهواء والجو. وقيل:
كل المخلوقات من الجواهر والاعراض. وإطلاق الدنيا على بعضها كما في الحديث مجاز.
قوله: أو امرأة يتزوجها إنما خص المرأة بالذكر بعد ذكر ما يعمها وغيرها للاهتمام بها، وتعقبه النووي بأن لفظ دنيا نكرة وهي لا تعم في الاثبات، فلا يلزم دخول المرأة