وخالف ابن الصلاح المحققون والأكثرون فقالوا يفيد الظن ما لم يتواتروا نحو ذلك حكى زين الدين عن المحققين قال وقد استثني ابن الصلاح أحرفا يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد كالدار قطني وغيره وهي معروفة عند أهل هذا الشأن وهكذا يجوز الاحتجاج بما صححه أحد الأئمة المعتبرين مما كان خارجا عن الصحيحين وكذا يجوز الاحتجاج بما كان في المصنفات المختصة بجمع الصحيح كصحيح ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم والمستخرجات علي الصحيحين لأن المصنفين لها قد حكموا بصحة كل ما فيها حكما عاما. وهكذا يجوز الاحتجاج بما صرح أحد الأئمة المعتبرين بحسنه لأن الحسن يجوز العمل به عند الجمهور ولم يخالف في الجواز الا البخاري وابن العربي والحق ما قاله الجمهور لأن أدلة وجوب العمل بالآحاد وقبولها شاملة له. ومن هذا القبيل ما سكت عنه أبو داود وذلك لما رواه ابن الصلاح عن أبي داود أنه قال ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض. قال وروينا عنه أنه قال ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه وما يقاربه. قال الامام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير انه أجاز ابن الصلاح والنوري وغيرهما من الحافظ العمل بما سكت عنه أبو داود لأجل هذا الكلام المروي عنه وأمثاله مما روي عنه. قال النووي الا أن يظهر في بعضها أمر يقدح في الصحة والحسن وجب ترك ذلك. قال ابن الصلاح وعلي هذا ما وجدناه في كتابه مذكورا مطلقا. ولم نعلم صحته عرفنا أنه من الحسن عند أبي داود لأن ما سكت عنه يحتمل عند أبي داود الصحة والحسن انتهي. وقد اعتني المنذري رحمه الله في نقد الأحاديث المذكورة في سنن أبي داود وبين ضعف كثير مما سكت عنه فيكون ذلك خارجا عما يجوز العمل به وما سكتا عليه جميعا فلا شك أنه صالح للاحتجاج الا في مواضع يسيرة قد نبهت علي بعضها في هذا الشرح. وكذا قيل إن ما سكت عنه الإمام أحمد من أحاديث مسنده صالح للاحتجاج لما قدمنا في ترجمته. وأما بقية السنن والمسانيد التي لم يلتزم مصنفوها الصحة فما وقع التصريح بصحته أو حسنه منهم أو من غيرهم جاز العمل به وما وقع التصريح كذلك بضعفه لم يجز العمل به وما أطلقوه ولم يتكلموا عليه ولا تكلم عليه غيرهم لم يجز العمل به الا بعد البحث عن حاله إن كان الباحث أهلا لذلك وقد بحثنا عن الأحاديث الخارجة عن الصحيحين في هذا الكتاب وتكلمنا عليها بما أمكن الوقوف عليه من كلام الحفاظ وما بلغت إليه القدرة. ومن عرف طول ذيل هذا الكتاب الذي تصدينا لشرحه وكثرة
(١٥)