على ذلك، وقد قدمنا الكلام على ذلك في الحديث قبل هذا. ويدل أيضا على تحريم القراءة على الحائض وقد قال به قوم. والحديث هذا والذي بعده لا يصلحان للاحتجاج بهما على ذلك، فلا يصار إلى القول بالتحريم إلا لدليل.
وعن جابر: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئا رواه الدارقطني.
الحديث فيه محمد بن الفضل وهو متروك ومنسوب إلى الوضع، وقد روي موقوفا وفيه يحيى بن أبي أنيسة وهو كذاب. وقال البيهقي: هذا الأثر ليس بالقوي، وصح عن عمر أنه كان يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب، وساقه عنه في الخلافيات بإسناد صحيح.
باب الرخصة في اجتياز الجنب في المسجد ومنعه من اللبث فيه إلا أن يتوضأ عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد، فقلت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك رواه الجماعة إلا البخاري.
الحديث حسنه الترمذي وهو صحيح بتصحيح مسلم إياه كما قاله ابن سيد الناس، وإخراجه له في صحيحه، وأما أبو الحسن الدارقطني فإنه ذكر فيه اختلافا على الأعمش في هذا الحديث، وصوب رواية من رواه عنه عن ثابت عن القاسم عن عائشة، وليس هذا الاختلاف الذي ذكره الدارقطني مانعا من القول بصحته بعد أن بين فيه وجه الصواب، ولكنه تفرد به ثابت بن عبيد وهو وإن كان ثقة فليس في مرتبة الحفظ والاتقان الذي يقبل معه تفرده، ويمكن أن يجاب عن إعلاله بالتفرد أن له طريقا أخرى عند الدارقطني عن محمد بن فضيل عن الأعمش عن السائب عن محمد بن أبي يزيد عن عائشة، وعن عبد الوارث بن سعيد وعبد الرحمن المحاربي كلاهما عن ليث بن أبي سليم عن القاسم عن عائشة، وعن أبي عمر الحوضي عن شعبة عن سليمان الشيباني عن القاسم عن عائشة، وهذه متابعات لطريق ثابت بن عبيد وهي وإن كانت واهية فهي تحصل تقوية. قوله: الخمرة بضم الخاء المعجمة وإسكان الميم. قال الهروي وغيره: وهي السجادة وهي ما يضع عليه الرجل حر وجهه في سجوده من حصير أو نسيجة من خوص.
وقال الخطابي: هي السجادة يسجد عليها المصلي وهي عند بعضهم قدر ما يضع عليه المصلي