يرده، واختلفوا إذا أدرك من لا تجب عليه الصلاة، كالحائض تطهر، والمجنون يغفل، والمغمى عليه يفيق، والكافر يسلم دون ركعة من وقتها هل تجب عليه الصلاة أم لا؟ وفيه قولان:
للشافعي أحدهما لا تجب، وروي عن مالك عملا بمفهوم الحديث وأصحهما عن أصحاب الشافعي أنها تلزمه، وبه قال أبو حنيفة لأنه أدرك جزءا من الوقت فاستوى قليله وكثيره، وأجابوا عن مفهوم الحديث بأن التقييد بركعة خرج مخرج الغالب ولا يخفى ما فيه من البعد، وأما إذا أدرك أحد هؤلاء ركعة وجبت عليه الصلاة، بالاتفاق بينهم، ومقدار هذه الركعة قدر ما يكبر، ويقرأ أم القرآن ويركع ويرفع ويسجد سجدتين. والحديث يدل على أن الصلاة التي أدركت منها ركعة قبل خروج الوقت أداء لا قضاء، وفي ذلك إشكالات عند أئمة الأصول. قوله: سجدة المراد بها الركعة، كما ذكره المصنف ومسلم في صحيحه، وقد ثبت عند الإسماعيلي بلفظ ركعة مكان سجدة، فدل على أن الاختلاف في اللفظ وقع من الرواة، وقد ثبت أيضا عند البخاري من طريق مالك بلفظ: من أدرك ركعة قال الحافظ: ولم يختلف على راويها في ذلك فكان عليها الاعتماد، قال الخطابي:
المراد بالسجدة الركعة بركوعها وسجودها، والركعة إنما يكون تمامها بسجودها فسميت على هذا سجدة انتهى. وإدراك الركعة قبل خروج الوقت لا يخص صلاة الفجر والعصر لما ثبت عند البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وهو أعم من حديث الباب. قال الحافظ: ويحتمل أن تكون اللام عهدية، ويؤيده أن كلا منهما من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة وهذا مطلق، وذاك يعني حديث الباب مفيد فيحمل المطلق على المقيد انتهى. ويمكن أن يقال: إن حديث الباب دل بمفهومه على اختصاص ذلك الحكم بالفجر والعصر، وهذا الحديث دل بمنطوقه على أن حكم جميع الصلوات لا يختلف في ذلك، والمنطوق أرجح من المفهوم، فيتعين المصير إليه ولاشتماله على الزيادة التي ليست منافية للمزيد. قال النووي: وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت انتهى. وقد قدمنا الكلام على اختصاص هذا الوقت بالمضطرين في أوائل الأوقات فارجع إليه.
وعن أبي ذر. قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة أو يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قلت: فما تأمرني؟
قال: صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة. وفي رواية: فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل. وفي أخرى: فإن أدركتك يعني الصلاة معهم