هذا الباب بل يكاد يلحق بالعدم، فإنه يستلزم أن نحو ضربت زيدا أو أبصرت عمرا من المجاز لعدم عموم الضرب والرؤية، وقد زعمه ابن جني منه وأورده مستدلا به على كثرة المجاز والحاصل أن الوقوع لا يتوقف وجود معناه الحقيقي على وجود المعنى الحقيقي لما وقع عليه الفعل، وهذا هو منشأ الاشتباه والاختلاف، فمن نظر إلى جانب ما وقع عليه الفعل جزم بالمجاز، ومن نظر إلى جانب الوقوع جزم بالحقيقة، وبعد هذا فلا شك في أولوية استيعاب المسح لجميع الرأس وصحة أحاديثه ولكن دون الجزم بالوجوب مفاوز وعقاب.
وعن الربيع بنت معوذ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ عندها ومسح برأسه فمسح الرأس كله من فوق الشعر كل ناحية لمنصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته رواه أحمد وأبو داود. وفي لفظ: مسح برأسه مرتين بدأ بمؤخره ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
هذه الروايات مدارها على ابن عقيل وفيه مقال مشهور لا سيما إذا عنعن وقد فعل ذلك في جميعها. وأخرج هذا الحديث أحمد بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ عندها قالت فرأيته مسح على رأسه مجاري الشعر ما أقبل منه وما أدبر ومسح صدغيه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وأخرجه بلفظ أحمد أبو داود أيضا في رواية وأخرجه ابن ماجة والبيهقي، ومدار الكل على ابن عقيل والرواية الأولى من حديث الباب تدل على أنه مسح مقدم رأسه مسحا مستقلا ومؤخره كذلك، لأن المسح مرة واحدة لا بد فيه من تحريك شعر أحد الجانبين. ووقع في نسخه من الكتاب مكان فوق فرق. وفي سنن أبي داود ثلاث نسخ هاتان والثالثة قرن. والرواية الثانية من حديث الباب تدل على أن المسح مرتان وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا، وتدل على البداءة بمؤخر الرأس، وقد تقدم الكلام على الخلاف في صفته في حديث