عروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومالك وأبي حنيفة وأحمد. ودليل الجمهور أن الأصل عدم الوجوب، فلا يجب إلا بورود الشرع بإيجابه. قال النووي: ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع حيضها، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل، قال: وأما الأحاديث الواردة في سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرها بالغسل فليس فيها شئ ثابت.
وقد بين البيهقي ومن قبله ضعفها، وإنما صح في هذا ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فاغتسلي ثم صلي فكانت تغتسل عند كل صلاة قال الشافعي رحمه الله تعالى: إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تغتسل وتصلي، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، قال: ولا أشك إن شاء الله أن غسلها كان تطوعا غير ما أمرت به وذلك واسع لها. وكذا قال سفيان بن عيينة والليث بن سعد وغيرهما، وما ذهب إليه الجمهور من عدم وجوب الاغتسال إلا لإدبار الحيضة هو الحق لفقد الدليل الصحيح الذي تقوم به الحجة لا سيما في مثل هذا التكليف الشاق، فإنه لا يكاد يقوم بما دونه في المشقة إلا خلص العباد، فكيف بالنساء الناقصات الأديان بصريح الحديث والتيسير وعدم التنفير من المطالب التي أكثر المختار صلى الله عليه وآله وسلم الارشاد إليها، فالبراءة الأصلية المعتضدة بمثل ما ذكر لا ينبغي الجزم بالانتقال عنها بما ليس بحجة توجب الانتقال، وجميع الأحاديث التي فيها إيجاب الغسل لكل صلاة قد ذكر المصنف بعضها في هذا الباب وأكثرها يأتي في أبواب الحيض، وكل واحد منها لا يخلو عن مقال كما ستعرف ذلك. لا يقال إنها تنتهض للاستدلال بمجموعها. لأنا نقول: هذا مسلم لو لم يوجد ما يعارضها، وأما إذا كانت معارضة بما هو ثابت في الصحيح فلا، كحديث عائشة الآتي في أبواب الحيض فإن فيه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر فاطمة بنت أبي حبيش بالاغتسال عند ذهاب الحيضة فقط وترك البيان في وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول. وقد جمع بعضهم بين الأحاديث بحمل أحاديث الغسل لكل صلاة على الاستحباب كما سيأتي في باب من تحيض ستا أو سبعا وهو جمع حسن.
وعن عائشة أن سهلة بنت سهيل بن عمرو استحيضت فأتت رسول الله