ذكره الشافعي رحمه الله تخصيص للعام بمجرد الاستدلال المذكور المعارض بما ذكرنا، قال الحافظ في التلخيص: استدلال أصحابنا بحديث خلوف فم الصائم على كراهة الاستياك بعد الزوال لمن يكون صائما فيه نظر، لكن في رواية للدارقطني عن أبي هريرة قال: لك السواك إلى العصر فإذا صليت فألقه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لخلوف فم الصائم الحديث، قال: وقد عارضه حديث عامر بن ربيعة يعني حديث الباب وقال: وفي الباب حديث على إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا له نورا بين عينيه يوم القيامة أخرجه البيهقي، قال الحافظ:
وإسناده ضعيف انتهى. وقول أبي هريرة مع كونه لا يدل على المطلوب لا حجة فيه على أن فيه عمر بن قيس وهو متروك، وكذلك حديث علي مع ضعفه لم يصرح فيه بالرفع فالحق أنه يستحب السواك للصائم أول النهار وآخره وهو مذهب جمهور الأئمة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من خير خصال الصائم السواك رواه ابن ماجة. قال البخاري: وقال ابن عمر يستاك أول النهار وآخره.
الحديث قال في التلخيص هو ضعيف ورواه أبو نعيم من طريقين آخريين عنها وروى النسائي في الكنى، والعقيلي وابن حبان في الضعفاء، والبيهقي من طريق عاصم عن أنس: يستاك الصائم أول النهار وآخره برطب السواك ويابسه ورفعه. وفيه إبراهيم بن بيطار الخوارزمي، قال البيهقي: انفرد به إبراهيم بن بيطار، ويقال إبراهيم بن عبد الرحمن قاضي خوارزم وهو منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يصح ولا أصل له من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا من حديث أنس وذكره ابن الجوزي في الموضوعات. قال الحافظ: قلت له شاهد من حديث معاذ رواه الطبراني في الكبير.
وقال أحمد بن منيع في مسنده: حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا يحيى بن حمزة عن النعمان بن المنذر عن عطاء وطاوس ومجاهد عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسوك وهو صائم. الحديث يدل على أن السواك من خير خصال الصائم من غير فرق بين قبل الزوال وبعده، وقد تقدم الكلام على ذلك في الحديث الأول.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك متفق عليه.