بكثرة الطرق، ورد بأن حديث ابن عباس قد صرح أبو الحسن بن القطان أن ما أعله به الدارقطني ليس بعلة وصرح بأنه إما صحيح أو حسن. واختلف في مسح الاذنين هل هو واجب أم لا؟ فذهبت القاسمية وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل إلى أنه واجب، وذهب من عداهم إلى عدم الوجوب. واحتجوا بحديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسح داخلهما بالسبابتين وخالف بإبهاميه إلى ظاهرهما فمسح ظاهرهما وباطنهما أخرجه النسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه، والحاكم والبيهقي، وصححه ابن خزيمة وابن منده، وقال ابن منده: لا يعرف مسح الاذنين من وجه يثبت إلا من هذه الطريق. وبحديث الربيع وطلحة بن مصرف والصنابحي، وأجيب عن ذلك بأنها أفعال لا تدل على الوجوب. قالوا: أحاديث الأذنان من الرأس بعضها يقوي بعضا وقد تضمنت أنهما من الرأس، فيكون الامر بمسح الرأس أمرا بمسحهما فيثبت وجوبه بالنص القرآني. وأجيب بعدم انتهاض الأحاديث الواردة لذلك والمتيقن الاستحباب، فلا يصار إلى الوجوب إلا بدليل ناهض، وإلا كان من التقول على الله بما لم يقل.
وعن الصنابحي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه وذكر الحديث وفيه: فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه رواه مالك والنسائي وابن ماجة.
الحديث رجاله رجال الصحيح، وقد ذكرناه في باب غسل ما استرسل من اللحية والكلام على أطرافه قد سبق هنالك. وقد سلفه المصنف هنا للاستدلال به على أن الاذنين يمسحان مع الرأس، قال: فقوله تخرج من أذنيه إذا مسح رأسه دليل على أن الاذنين داخلتان في مسماه ومن جملته انتهى. وقد اختلف الناس في ذلك وقد تقدم ذكر الخلاف، واختلفوا هل يمسحان ببقية ماء الرأس أو بماء جديد؟ فذهب مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور والمؤيد بالله إلى أنه يؤخذ لهما ماء جديد؟ وذهب الهادي والثوري، وأبو حنيفة إلى أنهما يمسحان مع الرأس بماء واحد. قال ابن عبد البر: وروي عن جماعة مثل هذا القول من الصحابة والتابعين. واحتج الأولون بما في حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنه توضأ فمسح أذنيه بماء غير الماء الذي مسح به الرأس أخرجه الحاكم من طريق حرملة عن ابن وهب؟ قال الحافظ:
إسناده ظاهره الصحة وأخرجه البيهقي من طريق عثمان الدارمي عن الهيثم بن خارجة عن