هذا الحديث ابن سيد الناس في شرح الترمذي منسوبا إلى أبي هريرة ولم يتكلم عليه، وعادته التكلم على ما فيه وهن.
باب ما جاء في جواز تأخيرهما على غسل الوجه واليدين عن المقدام بن معد يكرب قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ثم مضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما رواه أبو داود وأحمد وزاد: وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا.
الحديث إسناده صالح وقد أخرجه الضياء في المختارة، وهو يدل على عدم وجوب الترتيب بين المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه واليدين. وحديث عثمان وعبد الله بن زيد الثابتان في الصحيحين. وحديث علي الثابت عند أبي داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والبزار وغيرهم مصرحة بتقديم المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه واليدين. والحديث من أدلة القائلين بعدم وجوب الترتيب وقد سبق ذكرهم في شرح حديث عثمان. وحديث الربيع الآتي بعد هذا يدل أيضا على عدم وجوب الترتيب بين المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه. قال النووي: إنهم يتأولون هذه الرواية، على أن لفظة ثم ليست للترتيب بل لعطف جملة على جملة. وقد ذكر الفاضل الشلبي في صدر حواشيه على شرح المواقف أن المحققين من النحاة نصوا على أن وجوب دلالة ثم على التراخي مخصوص بعطف المفرد. وقد ذكره أيضا في حواشي المطول. وقد ذكر الرضى في شرح الكافية وابن هشام في المغني أنها قد تأتي لمجرد الترتيب، فظهر بهذا أنها مشتركة بين المعنيين لا أنها حقيقة في الترتيب، ولكن لا يخفى عليك أن هذا التأويل وإن نفع القائل بوجوب الترتيب في حديث الباب وما بعده فهو يجري في دليله الذي عارض به حديثي الباب، أعني حديث عثمان وعبد الله بن زيد وعلي، فلا يدل على تقديم المضمضة والاستنشاق، كما لا يدل هذا على تأخيرهما، فدعوى وجوب الترتيب لا تتم إلا بإبراز دليل عليها يتعين المصير إليه، وقد عرفناك في شرح حديث عثمان عدم انتهاض ما جاء به مدعي وجوب الترتيب على المطلوب، نعم حديث جابر عند النسائي في صفة حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال صلى الله عليه وآله وسلم: ابدأوا بما بدأ