الكلام على ذلك في باب ما جاء في المذي من أبواب تطهير النجاسة. وفي الحديث دلالة على أن الصلاة لا تفسد على المصلي إذا سبقه الحدث ولم يتعمد خروجه. وقد ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وصاحباه ومالك. وروي عن زيد بن علي وقديم قولي الشافعي، والخلاف في ذلك للهادي والناصر والشافعي في أحد قوليه. فإن تعمد خروجه فإجماع على أنه ناقض. واستدل على النقض بحديث: إذا فسا أحدكم فلينصرف وليتوضأ وليستأنف الصلاة أخرجه أبو داود، ولعله يأتي في الصلاة إن شاء الله تمام تحقيق البحث.
وعن أنس قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه رواه الدارقطني.
الحديث رواه أيضا البيهقي. قال الحافظ: وفي إسناده صالح بن مقاتل وهو ضعيف، وادعى ابن العربي أن الدارقطني صححه وليس كذلك، بل قال عقبه في السنن صالح:
ابن مقاتل ليس بالقوي. وذكره النووي في فصل الضعيف. والحديث يدل على أن خروج الدم لا ينقض الوضوء وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله، قال المصنف رحمه الله تعالى: وقد صح عن جماعة من الصحابة ترك الوضوء من يسير الدم، ويحمل حديث أنس عليه وما قبله على الكثير الفاحش كمذهب أحمد ومن وافقه جمعا بينهما انتهى.
ويؤيد هذا الجمع ما أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعا: ليس في القطرة ولا في القطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون دما سائلا ولكن فيه محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك قال الحافظ: وإسناده ضعيف جدا. ويؤيده أيضا ما روي عن ابن عمر عند الشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي أنه عصر بثرة في وجهه فخرج شئ من دمه فحكه بين أصبعيه ثم صلى ولم يتوضأ. وعلقه البخاري. وعنه أيضا أنه كان إذا احتجم غسل أثر المحاجم ذكره في التلخيص لابن حجر وعن ابن عباس أنه قال: اغسل أثر المحاجم عنك وحسبك رواه الشافعي. وعن ابن أبي أوفى في ذكره الشافعي ووصله البيهقي في المعرفة، وكذا عن أبي هريرة موقوفا. وعن جابر علقه البخاري ووصله ابن خزيمة وأبو داود من طريق عقيل بن جابر عن أبيه، وذكر قصة الرجلين اللذين حرسا فرمى أحدهما بسهام وهو يصلي وقد تقدم. وعقيل بن جابر قال في الميزان: فيه جهالة، قال في الكاشف: ذكره ابن حبان في الثقات، وقد روي نحو ذلك عن عائشة، قال