المصنف في باب وقت صلاة العشاء. وقوله: وإن تأخير العشاء إلى نصف الليل الخ سيأتي تحقيق ذلك في باب وقت صلاة العشاء.
وعن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله إلا قليلا رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة.
الحديث رواه أبو داود بتكرير قوله: تلك صلاة المنافق. قوله: بين قرني الشيطان اختلفوا فيه فقيل هو على حقيقته وظاهر لفظه، والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها وكذلك عند طلوعها، لأن الكفار يسجدون لها حينئذ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، وتخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له. وقيل: هو على المجاز، والمراد بقرنه وقرنيه علوه وارتفاعه وسلطانه وغلبة أعوانه وسجود مطيعيه من الكفار للشمس قاله النووي. وقال الخطابي: هو تمثيل ومعناه أن تأخيرها بتزيين الشيطان ومدافعته لهم عن تعجيلها كمدافعة ذوات القرون لما تدفعه. قوله: فنقرها المراد بالنقر سرعة الحركات كنقر الطائر، قال الشاعر:
لا أذوق النوم إلا غرارا * مثل حسو الطير ماء الثماد وفي الحديث دليل على كراهة تأخير الصلاة إلى وقت الاصفرار، والتصريح بذم من أخر صلاة العصر بلا عذر، والحكم على صلاته بأنها صلاة المنافق، ولا أردع لذوي الايمان وأفزع لقلوب أهل العرفان من هذا. وقوله: يجلس يرقب الشمس فيه إشارة إلى أن الذم متوجه إلى من لا عذر له. وقوله: فنقرها أربعا فيه تصريح بذم من صلى مسرعا بحيث لا يكمل الخشوع والطمأنينة والأذكار، وقد نقل بعضهم الاتفاق على عدم جواز التأخير إلى هذا الوقت لمن لا عذر له، وهذا من أوضح الأدلة القاضية بصحة الجمع بين الأحاديث الذي ذكرناه في الحديث الذي قبل هذا وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: وأتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا وأمر بلالا فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام الظهر حين زالت الشمس والقائل يقول: انتصف النهار أو لم وكان أعلم منهم، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب حين وقبت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر