ذلك في الحديث الذي قبل هذا. قوله: فلا يدخل يده في الاناء في رواية للبخاري في وضوئه. وفي رواية لابن خزيمة في إنائه أو وضوئه. والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء، ويلحق به الغسل بجامع أن كل واحد منهما يراد التطهر به. وخرج بذكر الاناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي.
وفي الحديث أيضا دلالة على أن الغسل سبعا ليس عاما لجميع النجاسات كما زعمه البعض، بل خاصا بنجاسة الكلب باعتبار ريقه، والجمهور من المتقدمين والمتأخرين على أنه لا ينجس الماء إذا غمس يده فيه، وحكي من الحسن البصري أن ينجس إن قام من نوم الليل، وحكي أيضا عن إسحاق بن راهويه ومحمد بن جرير الطبري، قال النووي: وهو ضعيف جدا فإن الأصل في اليد والماء الطهارة فلا ينجس بالشك، وقواعد الشريعة متظاهرة على هذا قال المصنف رحمه الله: وأكثر العلماء حملوا هذا على الاستحباب مثل ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستتر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه متفق عليه انتهى. وإنما مثل المصنف محل النزاع بهذا الحديث لأنه قد وقع الانفاق على عدم وجوب الاستتار عند الاستيقاظ، ولم يذهب إلى وجوبه أحد، وإنما شرع لأنه يذهب ما يلصق بمجرى النفس من الأوساخ وينظفه فيكون سببا لنشاط القارئ وطرد الشيطان. والخيشوم أعلى الانف وقيل هو الانف كله، وقيل هو عظام رقاق لينة في أقصى الانف بينه وبين الدماغ. وقد وقع في البخاري في بدئ الخلق بلفظ: إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه فيحمل المطلق على المقيد ويكون الامر بالاستنثار باعتبار إرادة الوضوء، وفي وجوبه خلاف سيأتي.
باب المضمضة والاستنشاق عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما ثم أدخل يمينه في الاناء فمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلا ث مرات ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: من توضأ