فقال: من دفنتم اليوم ههنا كما تقدم، فهذا يدل على أنهما كانا مسلمين لأن البقيع مقبرة المسلمين، قال: ويؤيده ما في رواية أبي بكر عند أحمد والطبراني بإسناد صحيح يعذبان وما يعذبان في كبير وبلى وما يعذبان إلا في الغيبة والبول فهذا الحصر ينفي كونهما كانا كافرين لأن الكافر يعذب على كفره بلا خلاف قال: وأما ما احتج به أبو موسى فهو ضعيف كما اعترف به وقد رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم وليس فيه ذكر سبب التعذيب فهو من تخليط ابن لهيعة، انتهى ملتقطا من الفتح.
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه رواه الدارقطني.
الحديث رواه الدارقطني من طريق أبي جعفر الرازي عن قتادة عنه وصحح إرساله، ونقل عن أبي زرعة أنه المحفوظ وقال أبو حاتم: رويناه من حديث تمامة عن أنس والصحيح إرساله. ورواه الدارقطني من حديث أبي هريرة وفي لفظ له وللحاكم وابن ماجة وأحمد وأكثر عذاب القبر من البول قال الحافظ في بلوغ المرام: وهو صحيح الاسناد انتهى وأعله أبو حاتم فقال: إن رفعه باطل. وفي الباب عن ابن عباس رواه عبد بن حميد في مسنده والحاكم والطبراني وغيرهم، وإسناده حسن ليس فيه غير أبي يحيى القتات وفيه لين. ولفظه: أن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه وعن عبادة بن الصامت في مسند البزار ولفظه: سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن البول فقال: إذا مسكم شئ فاغسلوه فإني أظن أن منه عذاب القبر وإسناده حسن. وقال سعيد بن منصور:
حدثنا خالد عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر من البول ورواته ثقات مع إرساله.
ويؤيد الحديث ما ثبت في الصحيحين وغيرهما في الحديث الذي قبل هذا. قوله: تنزهوا من البول التنزه البعد. قوله: فإن عامة عذاب القبر منه عامة الشئ معظمه، والمراد أنه أكثر أسبابه. والحديث يدل على وجوب الاستنزاه من البول مطلقا من غير تقييد بحال الصلاة، وإليه ذهب أبو حنيفة وهو الحق، لكن غير مقيد بما ذكره من استثناء مقدار الدرهم فإنه تخصيص بغير مخصص وقال مالك: إزالته في غير وقت الصلاة ليست بفرض، واعتذر له عن الحديث بأن صاحب القبر إنما عذب لأنه كان يترك البول يسيل عليه فيصلي بغير طهور، لأن الوضوء لا يصح مع وجوده وهو تقييد لم يدل عليه دليل،