وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
إذا قعد بين شعبها الأربع ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه. ولفظه: إذا جاوز الختان وجب الغسل.
ولها حديث آخر بلفظ: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واغتسلنا وأخرجه الشافعي في الام والنسائي وصححه ابن حبان وابن القطان، وأعله البخاري بأن الأوزاعي أخطأ فيه. ورواه غيره عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلا، واستدل على ذلك بأن أبا الزناد قال سألت القاسم بن محمد: سمعت في هذا الباب شيئا؟ قال: لا، وابنه عبد الرحمن قال عن أبيه، وأجاب من صححه بأنه يحتمل أن يكون القاسم كان نسيه ثم ذكر أو حدث به ابنه عبد الرحمن ثم نسي. قال الحافظ:
ولا يخلو الجواب عن نظر. قال النووي: هذا الحديث أصله صحيح ولكن فيه تغيير، وتبع في ذلك ابن الصلاح. قوله: بين شعبها قد تقدم تفسير الشعب. قوله: الختان المراد به هنا موضع الختن والختن في المرأة قطع جلدة في أعلى الفرج مجاورة لمخرج البول كعرف الديك ويسمى الخفاض. قوله: جاوز ورد بلفظ المجاوزة وبلفظ الملاقاة وبلفظ الملامسة وبلفظ الالزاق، والمراد بالملاقاة المحاذاة. قال القاضي أبو بكر: إذا غابت الحشفة في الفرج فقد وقعت الملاقاة. قال ابن سيد الناس: وهكذا معنى مس الختان الختان أي قاربه وداناه، ومعنى إلزاق الختان بالختان إلصاقه به، ومعنى المجاوزة ظاهر. قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي حاكيا عن ابن العربي: وليس المراد حقيقة اللمس ولا حقيقة الملاقاة، وإنما هو من باب المجاز والكناية عن الشئ بما بينه وبينه ملابسة أو مقاربة وهو ظاهر، وذلك أن ختان المرأة في أعلى الفرج ولا يمسه الذكر في الجماع. وقد أجمع العلماء كما أشار إليه على أنه لو وضع ذكره على ختانها ولم يولجه لم يجب الغسل على واحد منهما، فلا بد من قدر زائد على الملاقاة، وهو ما وقع مصرحا به في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ: إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل أخرجه ابن أبي شيبة، والتصريح بلفظ الوجوب في هذا الحديث والذي قبله مشعر بأن ذلك على وجه الختم، ولا خلاف فيه بين القائلين بأن مجرد ملاقاة الختان الختان سبب للغسل. قال المصنف رحمه الله وهو يفيد الوجوب: وإن كان هناك حائل انتهى. و ذلك لأن الملاقاة والمجاوزة لا يتوقف صدقهما على عدمه.