صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دمثا في أصل جدار فبال ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعا. قوله: إلى دمث هو بدال مهملة فميم مفتوحتين فثاء مثلثة ذكر معناه في المصباح وفي القاموس:
دمث المكان وغيره كفرح سهل انتهى: فالصفة منه دمث بميم مكسورة قبلها دال مفتوحة، لأن الأكثر في الصفة المشبهة من فعل بكسر العين أن يكون على فعل بكسر عينه أيضا إلا أن يكون ما ذكره في المصباح من النادر، فإنه قد جاء ندس وندس، وحذر وحذر، وعجل وعجل بالضم والكسر فيها. وجاء أيضا فعل بسكون العين نحو شكس بوزن قلس، وحر بوزن فلك، وصفر بوزن حبر، والكل من فعل بكسر العين كما تقرر في الصرف، فينظر هل تأتي منه الصفة على فعل بفتح العين كما ذكره صاحب المصباح، اللهم إلا أن يكون مصدرا وصف به المكان مبالغة. وقد ضبطه ابن رسلان في شرح السنن بكسر الميم على ما هو القياس كما ذكرنا. قوله: فليرتد أي يطلب محلا سهلا لينا. والحديث يدل على أنه ينبغي لمن أراد قضاء الحاجة أن يعمد إلى مكان لين لا صلابة فيه ليأمن من رشاش البول ونحوه، وهو وإن كان ضعيفا فأحاديث الامر بالتنزه عن البول تفيد ذلك.
وعن قتادة عن عبد الله بن سرجس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبال في الجحر، قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر؟ قال: يقال إنها مساكن الجن رواه أحمد والنسائي وأبو داود.
وأخرجه الحاكم والبيهقي، وقيل: إن قتادة لم يسمع من عبد الله بن سرجس، حكاه حرب عن أحمد، وأثبت سماعه منه علي بن المديني، وصححه ابن خزيمة وابن السكن.
قوله: في الجحر هو بضم الجيم وسكون الحاء كل شئ تحتفره السباع والهوام لأنفسها كالجحران، والجمع جحرة كعنبة وأحجار كأقفال. قوله: قالوا لقتادة ما يكره هو بضم أوله مبني لما لم يسم فاعله قاله ابن رسلان في شرح السنن، والحديث يدل على كراهة البول في الحفر التي تسكنها الهوام والسباع، إما لما ذكره قتادة، أو لأنه يؤذي حافيها من الحيوانات.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم رواه أحمد ومسلم وأبو داود.