بما يعرف من ظواهر أحوالهم من دون تفتيش وتنقيش، فإن ذلك مما لم يتعبدنا الله به ولذلك قال: إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس وقال لأسامة لما قال له إنما قال ما قال يا رسول الله تقية يعني الشهادة هل شققت عن قلبه واعتباره (ص) لظواهر الأحوال كان ديدنا له وهجيرا في جميع أموره منها قوله (ص) لعمه العباس لما اعتذر له يوم بدر بأنه مكره فقال له: كان ظاهرك علينا وكذلك حديث: إنما أقضي بما أسمع فمن قضيت له بشئ من مال أخيه فلا يأخذنه إنما أقطع له قطعة من نار وكذلك حديث: إنما نحكم بالظاهر وهو وإن لم يثبت من وجه معتبر فله شواهد متفق على صحتها، ومن أعظم اعتبارات الظاهر ما كان منه (ص) مع المنافقين من التعاطي والمعاملة بما يقتضيه ظاهر الحال.
باب حجة من كفر تارك الصلاة عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي.
الحديث يدل على أن ترك الصلاة من موجبات الكفر، ولا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكرا لوجوبها إلا أن يكون قريب عهد بالاسلام، أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة، وإن كان تركه لها تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها كما هو حال كثير من الناس، فقد اختلف الناس في ذلك، فذهبت العترة والجماهير من السلف والخلف منهم مالك والشافعي إلى أنه لا يكفر بل يفسق، فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ولكنه يقتل بالسيف. وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي. وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي إلى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي. احتج الأولون على عدم كفره بقول الله عز وجل: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * (النساء: 48) وبما سيأتي في الباب الذي بعد هذا من الأدلة. واحتجوا على قتله بقوله تعالى: * (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة