وغيره ذلك. وقال البيهقي: يكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق أن حديث طلق لم يحتج الشيخان بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته، وقد أيدت دعوى النسخ بتأخر إسلام بسرة وتقدم إسلام طلق، ولكن هذا ليس دليلا على النسخ عند المحققين من أئمة الأصول، وأيد حديث بسرة أيضا بأن حديث طلق موافق لما كان الامر عليه من قبل، وحديث بسرة ناقل عنه فيصار إليه وبأنه أرجح لكثرة طرقه وصحتها، وكثرة من صححه من الأئمة ولكثرة شواهده، ولان بسرة حدثت به في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون، وأيضا قد روي عن طلق بن علي نفسه أنه روى: من مس فرجه فليتوضأ أخرجه الطبراني وصححه قال: فيشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل هذا ثم سمع هذا بعد فوافق حديث بسرة، وأيضا حديث طلق بن علي من رواية قيس ابنه قال الشافعي: قد سألنا عن قيس بن طلق فلم تجد من يعرفه. وقال أبو حاتم وأبو زرعة قيس بن طلق ممن لا تقوم به حجة اه. فالظاهر ما ذهب إليه الأولون، وقد روي عن مالك القول بندب الوضوء، ويرده ما سيأتي من التصريح بالوجوب في حديث أبي هريرة وفي حديث عائشة:
ويل للذين يمسون فروجهم ولا يتوضأون أخرجه الدارقطني وهو دعاء بالشر لا يكون إلا على ترك واجب، والمراد بالوضوء غسل جميع الأعضاء كوضوء الصلاة لأنه الحقيقة الشرعية، وهي مقدمة على غيرها على ما هو الحق في الأصول. وقد اشترط في المس الناقض للوضوء أن يكون بغير حائل. ويدل له حديث أبي هريرة الآتي، وسيأتي أنه لا دليل لمن اشترط أن يكون المس بباطن الكف، وقد روي عن جابر بن زيد أنه قال بالنقض إن وقع المس عمدا لا إن وقع سهوا. وأحاديث الباب ترده ورفع الخطأ بمعنى رفع إثمه لا حكمه.
وعن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
من مس فرجه فليتوضأ رواه ابن ماجة والأثرم وصححه أحمد وأبو زرعة.
الحديث قال ابن السكن: لا أعلم له علة. ولفظ من يشمل الذكر والأنثى. ولفظ الفرج يشمل القبل والدبر من الرجل والمرأة، وبه يرد مذهب من خصص ذلك بالرجال وهو مالك. وأخرج الدارقطني من حديث عائشة: إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ وفيه عبد الرحمن بن عبد الله العمري وهو ضعيف، وكذا ضعفه ابن حبان، قال الحافظ:
وله شاهد وسيأتي حديث عمرو بن شعيب وهو صحيح، وقد تقدم الكلام في الذي قبله.