تحريم الاستعمال فلا تتم مع مخالفة داود والشافعي وبعض أصحابه، وقد اقتصر الإمام المهدي في البحر على نسبة ذلك إلى أكثر الأمة على أنه لا يخفى على المصنف ما في حجية الاجماع من النزاع والاشكالات التي لا مخلص عنها. والحاصل أن الأصل الحل، فلا تثبت الحرمة إلا بدليل يسلمه الخصم، ولا دليل في المقام بهذه الصفة، فالوقوف على ذلك الأصل المعتضد بالبراءة الأصلية هو وظيفة المنصف الذي لم يخبط بسوط هيبة الجمهور، لا سيما وقد أيد هذا الأصل حديث: ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبا أخرجه أحمد وأبو داود، ويشهد له ما سلف أن أم سلمة جاءت بجلجل من فضة فيه شعر من شعر رسول الله فخضخضت. الحديث في البخاري وقد سبق. وقد قيل: إن العلة في التحريم الخيلاء أو كسر قلوب الفقراء، ويرد عليه جواز استعمال الأواني من الجواهر النفيسة وغالبها أنفس وأكثر قيمة من الذهب والفضة ولم يمنعها إلا من شذ. وقد نقل ابن الصباغ في الشامل الاجماع على الجواز وتبعه الرافعي ومن بعده.
وقيل: العلة التشبه بالأعاجم، وفي ذلك نظر لثبوت الوعيد لفاعله ومجرد التشبه لا يصل إلى ذلك، وأما اتخاذ الأواني بدون استعمال فذهب الجمهور إلى منعه ورخصت فيه طائفة.
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
إن الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم متفق عليه. ولمسلم: إن الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة. وعن عائشة رضي الله عنها: عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الذي يشرب في إناء فضة: كأنما يجرجر في بطنه نارا رواه أحمد وابن ماجة.
حديث أم سلمة أخرجه أيضا الطبراني وزاد: إلا أن يتوب، وقد تفرد علي بن مسهر بزيادة إناء الذهب الثابتة عند مسلم. وحديث عائشة رواه أيضا الدارقطني في العلل من طريق شعبة والنووي عن سعد بن إبراهيم عن نافع عن امرأة ابن عمر سماها الثوري صفية. وأخرجه أيضا أبو عوانة في صحيحه بلفظ: الذي يشرب في الفضة إنما يجرجر في جوفه نارا وفيه اختلاف على نافع فقيل عنه عن ابن عمر أخرجه الطبراني في الصغير، وأعله أبو زرعة وأبو حاتم، وقيل عنه عن أبي هريرة ذكره الدارقطني في العلل أيضا، وخطأه من رواية عبد العزيز بن أبي رواد قال: والصحيح فيه عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر كما تقدم يعني عن زيد بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن