لأنه مقتضى النهي حقيقة عند المحققين، وقد ذهبت الشافعية والمالكية والحنابلة وغيرهم إلى كراهة ذلك لهذا الحديث، ولما أخرجه الخلال في جامعه عن طارق بن حبيب أن حجاما أخذ من شارب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرأى شيبة في لحيته فأهوى بيده إليها ليأخذها فأمسك النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده وقال: من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة ولما أخرجه البزار والطبراني عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة، فقال له رجل عند ذلك: فإن رجالا ينتفون الشيب، فقال: من شاء فلينتف نوره قال النووي: لو قيل يحرم النتف للنهي الصريح الصحيح لم يبعد، قال: ولا فرق بين نتفه من اللحية والرأس والشارب والحاجب والعذار ومن الرجل والمرأة. قوله: فإنه نور المسلم في تعليله بأنه نور المسلم ترغيب بليغ في إبقائه وترك التعرض لازالته وتعقيبه بقوله: ما من مسلم يشيب شيبة في الاسلام والتصريح بكتب الحسنة ورفع الدرجة وحط الخطيئة نداء يشرف الشيب وأهله، وأنه من أسباب كثرة الأجور، وإيماء إلى أن الرغوب عنه بنتفه رغوب عن المثوبة العظيمة. وقد أخرج الترمذي من حديث كعب بن مرة وحسنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة وأخرجه بهذا اللفظ من حديث عمرو بن عبسة وقال: حسن صحيح غريب.
باب تغيير الشيب بالحناء والكتم ونحوهما وكراهة السواد عن جابر بن عبد الله قال: جئ بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكأن رأسه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره بشئ وجنبوه السواد رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
قوله: بأبي قحافة هو والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. قوله: ثغامة بثاء مثلثة مفتوحة ثم غين معجمة مخففة. قال أبو عبيد: هو نبت أبيض الزهر والثمر يشبه بياض المشيب به. وقال ابن الأعرابي: هو شجر مبيض كأنه الثلج قال في القاموس:
الثغام كسحاب نبت واحدته بهاء، وأثغماء اسم الجمع، وأثغم الوادي أنبته، والرأس صار