طعن فيه أبو داود فقال: حديث أنس أصح منه انتهى. وهذا ليس بطعن في الحقيقة لأنه لم ينف عنه الصحة. قال النسائي: ليس بينه وبين حديث أنس اختلاف بل كان يفعل هذا مرة وذاك أخرى. وقال النووي: هو محمول على أنه فعل الامرين في وقتين مختلفين. والحديث يدل على استحباب الغسل قبل المعاودة ولا خلاف فيه.
أبواب الأغسال المستحبة باب غسل الجمعة عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل رواه الجماعة. ولمسلم: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل.
الحديث له طرق كثيرة، ورواه غير واحد من الأئمة، وعد ابن منده من رواه عن نافع فبلغوا فوق ثلاثمائة نفس، وعد من رواه من الصحابة غير ابن عمر فبلغوا أربعة وعشرين صحابيا. قال الحافظ: وقد جمعت طرقه عن نافع فبلغوا مائة وعشرين نفسا.
وفي الغسل في يوم الجمعة أحاديث غير ما ذكر المصنف منها عن جابر عند النسائي، وعن البراء عند ابن أبي شيبة في المصنف، وعن أنس عند ابن عدي في الكامل، وعن بريدة عند البزار، وعن ثوبان عند البزار أيضا، وعن سهل بن حنيف عند الطبراني.
وعن عبد الله بن الزبير عند الطبراني أيضا، وعن ابن عباس عند ابن ماجة، وعن عبد الله بن عمر حديث آخر عند الطبراني، وعن ابن مسعود عند البزار، وعن حفصة عند أبي داود، وفي الباب عن جماعة من الصحابة يأتي ذكرهم في أبواب الجمعة إن شاء الله. والحديث يدل على مشروعية غسل الجمعة، وقد اختلف الناس في ذلك قال النووي: فحكي وجوبه عن طائفة من السلف حكوه عن بعض الصحابة وبه قال أهل الظاهر. وحكاه ابن المنذر عن مالك، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك، وحكاه ابن المنذر أيضا عن أبي هريرة وعمار وغيرهما. وحكاه ابن حزم عن عمر وجمع من الصحابة ومن بعدهم. وحكى عن ابن خزيمة، وحكاه شارح الغنية لابن سريج قولا للشافعي. وقد حكى الخطابي وغيره الاجماع على أن الغسل ليس شرطا في صحة الصلاة وأنها تصح بدونه. وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه مستحب. قال القاضي عياض: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه. استدل الأولون