دليل فما الدليل على نجاسة بول غير المأكول وزبله على العموم؟ قلت: قد تمسكوا بحديث إنها ركس قاله (ص) في الروثة، أخرجه البخاري والترمذي والنسائي. وبما تقدم في بول الآدمي وألحقوا سائر الحيوانات التي لا تؤكل به بجامع عدم الاكل، وهو لا يتم إلا بعد تسليم أن علة النجاسة عدم الاكل، وهو منتقض بالقول بنجاسة زبل الجلالة، والدفع بأن العلة في زبل الجلالة هو الاستقذار منقوض باستلزامه لنجاسة كل مستقذر كالطاهر إذا صار منتنا، إلا أن يقال: إن زبل الجلالة هو محكوم بنجاسته لا للاستقذار، بل لكونه عين النجاسة الأصلية التي جلتها الدابة لعدم الاستحالة التامة. وأما الاستدلال بمفهوم حديث لا بأس ببول ما يؤكل لحمه المتقدم فغير صالح لما تقدم من ضعفه الذي لا يصلح معه للاستدلال به حتى قال ابن حزم: إنه خبر باطل موضوع، قال: لأن في رجاله سوار بن مصعب وهو متروك عند جميع أهل النقل متفق على ترك الرواية عنه، يروي الموضوعات فالذي يتحتم القول به في الأبوال والأزبال هو الاقتصار على نجاسة بول الآدمي وزبله والروثة. وقد نقل التيمي أن الروث مختص بما يكون من الخيل والبغال والحمير ولكنه زاد ابن خزيمة في روايته أنها ركس أنها روثة حمار. وأما سائر الحيوانات التي لا يؤكل لحمها فإن وجدت في بول بعضها أو زبله ما يقتضي إلحاقه بالمنصوص عليه طهارة أو نجاسة ألحقته، وإن لم تجد فالمتوجه البقاء على الأصل والبراءة كما عرفت.
قال المصنف رحمه الله في الكلام على حديث الباب ما لفظه: فإذا أطلق الاذن في ذلك ولم يشترط حائلا بقي من الأبوال وأطلق الاذن في الشرب لقوم حديثي العهد بالاسلام جاهلين بأحكامه، ولم يأمرهم بغسل أفواههم وما يصيبهم منها لأجل صلاة ولا غيرها مع اعتيادهم شربها، دل ذلك على مذهب القائلين بالطهارة انتهى.
باب ما جاء في المذي عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء أكثر منه الاغتسال فذكرت ذلك لرسول الله (ص) فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء، فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ورواه الأثرم ولفظه قال: كنت ألقى من المذي عناء فأتيت النبي (ص) فذكرت ذلك له فقال: يجزيك أن تأخذ حفنة من ماء