انتفى كونها نورا وبرهانا ونجاة مع عدم المحافظة انتفى نفعها. وقوله: وكان يوم القيامة مع قارون الخ يدل على أن تركها كفر متبالغ لأن هؤلاء المذكورين هم أشد أهل النار عذابا، وعلى تخليد تاركها في النار كتخليد من جعل معهم في العذاب، فيكون هذا الحديث مع صلاحيته للاحتجاج مخصصا لأحاديث خروج الموحدين، وقد ورد من هذا الجنس شئ كثير في السنة، ويمكن أن يقال مجرد المعية والمصاحبة لا يدل على الاستمرار والتأبيد لصدق المعنى اللغوي بلبثه معهم مدة، لكن لا يخفى أن مقام المبالغة يأبى ذلك، وسيأتي في الباب الثاني ما يعارضه.
باب حجة من لم يكفر تارك الصلاة ولم يقطع عليه بخلود في النار ورجا له ما يرجى لأهل الكبائر عن ابن محيريز: أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام يدعى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب، قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت فأخبرته فقال عبادة: كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
خمس صلوات كتبهن الله على العباد من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة. وقال فيه: ومن جاء بهن قد انتقص منهن شيئا استخفافا بحقهن.
الحديث أخرجه أيضا مالك في الموطأ وابن حبان وابن السكن. قال ابن عبد البر:
هو صحيح ثابت لم يختلف عن مالك فيه ثم قال: والمخدجي مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث. قال الشيخ تقي الدين القشيري: انظر إلى تصحيحه لحديثه مع حكمه بأنه مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، ولحديثه شاهد من حديث أبي قتادة عند ابن ماجة، ومن حديث كعب بن عجرة عند أحمد. ورواه أبو داود أيضا الصنابجي قال: زعم أبو محمد أن الوتر واجب فقال عبادة بن الصامت وساق الحديث. والمخدجي المذكور في هذا الاسناد هو بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة ثم جيم بعدها ياء النسب