باب جواز ذلك بين البنيان عن ابن عمر رضي الله عنه قال: رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة رواه الجماعة.
وقع في رواية لابن حبان مستقبل القبلة مستدبر الشام، قال الحافظ: وهي خطأ تعد من قسم المقلوب. قوله: رقيت رقي إلى الشئ بكسر القاف رقيا ورقوا صعد وترقى مثله ورقى غيره، والمرقاة والمرقاة الدرجة، ونظيره مسقاة ومسقاة ومثناة ومثناة للحبل، ومبناة ومبناة للعيبة أو النطع يعني بفتح الميم وكسرها فيها، قاله ابن سيد الناس في شرح الترمذي. قوله: على بيت حفصة وقع في رواية: على ظهر بيت لنا وفي أخرى على ظهر بيتنا وكلها في الصحيح. وفي رواية لابن خزيمة: دخلت على حفصة بنت عمر فصعدت ظهر البيت وطريق الجمع أن يقال: أضاف البيت إليه على سبيل المجاز لكونها أخته، وأضافه إلى حفصة لأنه البيت الذي أسكنها فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو أضافه إلى نفسه باعتبار ما آل إليه الحال لأنه ورث حفصة دون إخوته لكونه شقيقها. الحديث يدل على جواز استدبار القبلة حال قضاء الحاجة، وقد استدل به من قال: بجواز الاستقبال والاستدبار، ورأي أنه ناسخ واعتقد الإباحة مطلقا. وبه احتج من خص عدم الجواز بالصحارى كما تقدم، ومن خص المنع بالاستقبال دون الاستدبار في الصحارى والعمران، ومن جوز الاستدبار في البنيان وهي أربعة مذاهب من المذاهب الثمانية التي تقدمت، ولكنه لا يخفى أن الدليل باعتبار الثلاثة المذاهب الأول من هذه الأربعة أخص من الدعوى. أما الأول منها فظاهر. وأما الثاني فلان المدعي جواز الاستقبال والاستدبار في البنيان وليس في الحديث إلا الاستدبار. وأما الثالث فلان المدعي جواز الاستدبار في الصحارى والعمران، وليس في الحديث إلا الاستدبار في العمران فقط، ويمكن تأييد الأول من الأربعة بأن اعتبار خصوص كونه في البنيان وصف ملغى فيطرح ويؤخذ منه الجواز مجردا عن ذلك، ولكنه يفت في عضد هذا التأييد أن الواجب أن يقتصر في مخالفة مقتضى العموم على مقدار الضرورة، ويبقى العام على مقتضى عمومه فيما بقي من الصور، إذ لا معارض له فيما عدا تلك الصورة المخصوصة التي ورد بها الدليل الخاص، وهذا لو فرض أن حديث أبي