والعصر والشمس نقية والمغرب إذا وجبت الشمس، والعشاء أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخر، والصبح كانوا أو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصليها بغلس متفق عليه.
قوله: بالهاجرة هي شدة الحر نصف النهار عقب الزوال، سميت بذلك من الهجر وهو الترك، لأن الناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر ويقيلون، وقد تقدم تفسيرها بنحو من هذا. قوله: والشمس نقية أي صافية لم تدخلها صفرة. قوله: إذا وجبت أي غابت والوجوب السقوط كما سبق. قوله: إذا رآهم اجتمعوا فيه مشروعية ملاحظة أحوال المؤتمين والمبادرة بالصلاة مع اجتماع المصلين، لأن انتظارهم بعد الاجتماع ربما كان سببا لتأذي بعضهم، وأما الانتظار قبل الاجتماع فلا بأس به لهذا الحديث، ولأنه من باب المعاونة على البر والتقوى. قوله: بغلس الغلس محركة ظلمة آخر الليل قاله في القاموس. والحديث يدل على استحباب تأخير صلاة العشاء لكن مقيدا بعدم اجتماع المصلين.
وعن عائشة قالت: اعتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل حتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى فقال إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي رواه مسلم والنسائي.
قوله: أعتم قد تقدم الكلام عليه. قوله: حتى ذهب عامة الليل قال النووي:
التأخير المذكور في الأحاديث كله تأخير لم يخرج به عن وقت الاختيار وهو نصف الليل أو ثلث الليل على الخلاف المشهور، والمراد بعامة الليل كثير منه وليس المراد أكثره، ولا بد من هذا التأويل لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه لوقتها ولا يجوز أن المراد بهذا القول ما بعد نصف الليل، لأنه لم يقل أحد من العلماء أن تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل أفضل اه. قوله: لولا أن أشق على أمتي فيه تصريح بما قدمنا من أن ترك التأخير إنما هو للمشقة. والحديث يدل على مشروعية تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقت اختيارها، وقد تقدم الكلام على ذلك.
وعن أنس قال: أخر النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل ثم صلى ثم قال: قد صلى الناس وناموا، أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها، قال أنس كأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلتئذ متفق عليه.