والوضوء للرجل والمرأة من الاناء الواحد جميعا ما أخرج أبو داود من حديث أم صبية الجهنية: قالت اختلفت يدي ويد رسول الله (ص) في الوضوء من إناء واحد. ومن حديث ابن عمر قال كان الرجال والنساء يتوضأون (ص) في زمان رسول الله (ص)، قال مسدد من الاناء الواحد جميعا قال في الفتح: ظاهره أنهم كانوا يتناولون الماء في حالة واحدة. وحكى ابن التين عن قوم أن معناه أن الرجال والنساء كانوا يتوضأون جميعا في موضع واحد هؤلاء على حدة، وهؤلاء على حدة، والزيادة المتقدمة في قوله: من إناء واحد ترد عليه. وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب. وقد أجاب ابن التين عنه بما حكاه سحنون أن معناه كان الرجال يتوضأون ويذهبون ثم يأتي النساء، وهو خلاف الظاهر، لأن قوله جميعا معناه ضد المفترق كما قال أهل اللغة. وقد وقع مصرحا بوحدة الاناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه أبصر النبي (ص) وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهرون منه.
والأولى في الجواب أن يقال: لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختص بالمحارم والزوجات.
باب حكم الماء إذا لاقته النجاسة عن أبي سعيد الخدري قال: قيل يا رسول الله أتتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله (ص):
الماء طهور لا ينجسه شئ. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
وقال أحمد بن حنبل: حديث بئر بضاعة صحيح. وفي رواية لأحمد وأبي داود: إنه يستقى لك من بئر بضاعة وهي بئر تطرح فيها محايض النساء ولحم الكلاب وعذر الناس، فقال رسول الله (ص): إن الماء طهور لا ينجسه شئ. قال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها قلت: أكثر ما يكون فيها الماء؟ قال: إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة. قال أبو داود: قدرت بئر بضاعة بردائي فمددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غير بناؤها عما كان عليه؟ فقال: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون.