فصل ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي رواه أحمد ومسلم والنسائي.
قوله: يميتون الصلاة أي يؤخرونها فيجعلونها كالميت الذي خرجت روحه، والمراد بتأخيرها عن وقتها المختار لا عن جميع وقتها، فإن المنقول عن الامراء المتقدمين والمتأخرين إن هو تأخيرها عن وقتها المختار، ولم يؤخرها أحد منهم عن جميع وقتها، فوجب حمل هذه الأخبار على ما هو الواقع. قوله: فإن أدركتها الخ معناه صل في أول الوقت وتصرف في شغلك، فإن صادفتهم بعد ذلك وقد صلوا أجزأتك صلاتك، وإن أدركت الصلاة معهم فصل معهم وتكون هذه الثانية لك نافلة. الحديث يدل على مشروعية الصلاة لوقتها وترك الاقتداء بالأمراء إذا أخروها عن أول وقتها، وأن المؤتم يصليها منفردا ثم يصليها مع الامام، فيجمع بين فضيلة أول الوقت وطاعة الأمير. ويدل على وجوب طاعة الامراء في غير معصية لئلا تتفرق الكلمة وتقع الفتنة، ولهذا ورد في الرواية الأخرى: أن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف. وقوله: فإنها لك نافلة صريح أن الفريضة الأولى والنافلة الثانية. وقد اختلف في الصلاة التي تصلى مرتين هل الفريضة الأولى أو الثانية، فذهب الهادي والأوزاعي وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الفريضة الثانية إن كانت في جماعة والأولى في غير جماعة، وذهب المؤيد بالله والامام يحيى وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي إلى أن الفريضة الأولى، وعن بعض أصحاب الشافعي أن الفرض أكملهما. وعن بعض أصحاب الشافعي أيضا أن الفرض أحدهما على الابهام فيحتسب الله بأيتهما شاء. وعن الشعبي وبعض أصحاب الشافعي أيضا كلاهما فريضة.
(احتج الأولون) بحديث يزيد بن عامر عند أبي داود مرفوعا وفيه: فإذا جئت الصلاة فوجدت الناس يصلون فصل معهم وإن كنت صليت ولتكن لك نافلة وهذه مكتوبة. ورواه الدارقطني بلفظ: وليجعل التي صلى في بيته نافلة وأجيب بأنها رواية شاذة مخالفة لرواية الحفاظ والثقات كما قال البيهقي وقد ضعفها النووي، وقال الدارقطني هي رواية ضعيفة شاذة، واستدل القائلون بأن الفريضة هي الأولى سواء كانت جماعة أو فرادى بحديث يزيد بن الأسود عند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي والدارقطني وابن حبان والحاكم، وصححه ابن السكن بلفظ: شهدت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجته فصليت معه الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته وانحرف إذ هو برجلين