الشرعية ثابتة مقدمة على غيرها، ولا متمسك لمن قال إن المراد به غسل اليدين. وأما لحوم الغنم فهذه الأحاديث المذكورة في الباب مخصصة له من عموم ما مست النار ففي حديث البراء الآتي: لا تتوضأوا منها وفي حديث ذي الغرة أفنتوضأ من لحومها يعني الغنم؟ قال: لا وفي حديث الباب: إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ وسيأتي تمام الكلام على هذا في باب استحباب الوضوء مما مسته النار.
وعن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل فقال: توضأوا منها، وسئل عن لحوم الغنم فقال: لا توضأوا منها، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل فقال: لا تصلوا فيها فإنها من الشياطين، وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم فقال: صلوا فيها فإنها بركة رواه أحمد وأبو داود.
الحديث أخرجه أيضا الترمذي وابن ماجة وابن حبان وابن الجارود وابن خزيمة، وقال في صحيحه: لم أر خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه. وذكر الترمذي الخلاف فيه على ابن أبي ليلى هل هو عن البراء، أو عن ذي الغرة، أو عن أسيد بن حضير؟ وصحح أنه عن البراء. وكذا ذكر ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه، قال الحافظ: وقد قيل إن ذا الغرة لقب البراء بن عازب والصحيح أنه غيره وأن اسمه يعيش. والحديث يدل على وجوب الوضوء من لحوم الإبل وقد تقدم الكلام فيه، وعدم وجوبه من لحوم الغنم وقد تقدم أيضا: ويدل أيضا على المنع من الصلاة في مبارك الإبل والاذن بها في مرابض الغنم، وسيأتي الكلام على ذلك في باب المواضع المنهي عنها والمأذون فيها للصلاة إن شاء الله تعالى.