واغسليه بماء وسدر. قال ابن القطان: إسناده في غاية الصحة. وأجيب بأنه لا يفيد المطلوب لأن الحك إنما هو الفرك بالأصابع والنزاع في غيره، ويرد بأن آخر الحديث وهو قوله: واغسليه بماء وسدر يدل على وجوب استعمال الحاد. وكذلك قوله في حديث عائشة المذكور فلتغيره بشئ من صفرة وأجيب بأن التغيير ليس بإزالة، ويؤيده ما في آخر الحديث من قولها: ولقد كنت أحيض عند رسول الله (ص) ثلاث حيض لا أغسل ويرد بأن مجرد استعمال الصفرة يفيد المطلوب كاستعمال السدر. وقيل: يكون استعمال الحواد مندوبا جمعا بين الأدلة. ويستفاد من قوله: لا يضرك أثره أن بقاء أثر النجاسة الذي عسرت إزالته لا يضر، لكن بعد التغيير بزعفران أو صفرة أو غيرهما حتى يذهب لون الدم لأنه مستقذر، وربما نسبها من رآه إلى التقصير في إزالته. قوله: لا أغسل لي ثوبا فيه دليل على أن ما كان الأصل فيه الطهارة فهو باق على طهارته حتى تظهر فيه نجاسة فيجب غسلها.
باب تعين الماء لإزالة النجاسة عن عبد الله بن عمر: أن أبا ثعلبة قال: يا رسول الله أفتنا في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها، قال: إذا اضطررتم، إليها فاغسلوها بالماء واطبخوا فيها رواه أحمد.
وعن أبي ثعلبة الخشني أنه قال: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل الكتاب فنطبخ في قدورهم ونشرب في آنيتهم، فقال رسول الله (ص): إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. والرحض الغسل.
الحديث الثاني يشهد لصحة الحديث الأول، وهو متفق عليه من حديث أبي ثعلبة بلفظ: قال قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال: إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وفي رواية لأحمد وأبي داود: إن أرضنا أرض أهل الكتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم قال: إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء واطبخوا فيها واشربوا وفي لفظ للترمذي: فقال أنقوها غسلا واطبخوا فيها. وقد استدل المصنف رحمه الله بما ذكره في الباب على أنه يتعين الماء لإزالة النجاسة وكذلك فعل غيره، ولا يخفاك أن مجرد الامر به لإزالة خصوص هذه النجاسة لا يستلزم أنه يتعين لكل نجاسة، فالتنصيص عليه في هذه النجاسة الخاصة لا ينفي أجزاء ما عداه من