لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضأون والحديث يدل على ندبية تأخير العشاء إلى ثلث الليل، لأن لولا لامتناع الثاني لوجود الأول، فإذا ثبت وجود الأول ثبت امتناع الثاني وبقي الندب. ومحل الكلام على هذه الجملة الصلاة إن شاء الله تعالى. ويدل أيضا على ندبية السواك بمثل ما ذكرناه في صلاة العشاء، ويرد على من قال: لا يستحب السواك للصلاة، وقد نسبه في البحر إلى الأكثر، ويرد مذهب الظاهرية القائلين بالوجوب إن صح عنهم وقد سبق كلام النووي في ذلك.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة رواه الجماعة. وفي رواية لأحمد: لامرتهم بالسواك مع كل وضوء وللبخاري تعليقا: لامرتهم بالسواك عند كل وضوء قال: ويروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد عن النبي (ص).
الحديث قال ابن منده: إسناده مجمع على صحته. وقال النووي: غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن البخاري لم يخرجه وهو خطأ منه، وقد أخرجه من حديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، وليس هو في الموطأ من هذا الوجه بل هو فيه عن ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة قال: لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل وضوء ولم يصرح برفعه. قال ابن عبد البر: وحكمه الرفع، وقد رواه الشافعي عن مالك مرفوعا. وفي الباب عن زيد بن خالد عند الترمذي وأبي داود وعن علي عند أحمد وعن أم حبيبة عند أحمد أيضا وعن عبد الله بن عمرو وسهل بن سعد وجابر وأنس عند أبي نعيم قال الحافظ: وإسناد بعضها حسن. وعن ابن الزبير عند الطبراني وعن ابن عمر وجعفر بن أبي طالب عند الطبراني أيضا. والحديث يدل على أن السواك غير واجب وعلى شرعيته عند الوضوء وعند الصلاة، لأنه إذا ذهب الوجوب بقي الندب كما تقدم، وعلى أن الامر للوجوب لأن كلمة لولا تدل على انتفاء الشئ لوجود غيره، فيدل على انتفاء الامر لوجود المشقة، والمنفي لأجل المشقة إنما هو الوجوب لا الاستحباب.
فإن استحباب السواك ثابت عند كل صلاة فيقتضي ذلك أن الامر للوجوب، وفيه خلاف في الأصول على أقوال. ويدل الحديث أيضا على أن المندوب غير مأمور به لمثل ما ذكرناه، وفيه أيضا خلاف في الأصول مشهور. ويدل أيضا على أن للنبي (ص) أن يحكم بالاجتهاد، ولا يتوقف حكمه على النص لجعله المشقة سببا لعدم الامر منه، ولو