ويأتي بعض. قالوا: والذكاة المشبه بها لا يحل بها غير المأكول، فكذلك المشبه لا يطهر جلد غير المأكول، وهذا إن سلم لا ينفي ما استفيد من الأحاديث العامة للمأكول وغيره، وقد تقرر في الأصول أن العام لا يقصر على سببه، فلا يصح تمسكهم بكون السبب شاة ميمونة.
المذهب الرابع: يطهر جلود جميع الميتات إلا الخنزير، قال النووي: وهو مذهب أبي حنيفة واحتج بما تقدم في المذهب الأول. المذهب الخامس: يطهر الجميع إلا أنه يطهر ظاهره دون باطنه فلا ينتفع به في المائعات، قال النووي: وهو مذهب مالك المشهور في حكاية أصحابنا عنه انتهى. وهو تفصيل لا دليل عليه. المذهب السادس: يطهر الجميع والكلب والخنزير ظاهرا وباطنا، قال النووي: وهو مذهب داود وأهل الظاهر، وحكى عن أبي يوسف وهو الراجح كما تقدم، لأن الأحاديث الواردة في هذا الباب لم يفرق فيها بين الكلب والخنزير وما عداهما. واحتجاج الشافعي بالآية على إخراج الخنزير وقياس الكلب عليه لا يتم إلا بعد تسليم أن الضمير يعود إلى المضاف إليه دون المضاف، وأنه محل نزاع، ولا أقل من الاحتمال إن لم يكن رجوعه إلى المضاف راجحا، والمحتمل لا يكون حجة على الخصم. وأيضا لا يمتنع أن يقال رجسية الخنزير على تسليم شمولها لجميعه لحما وشعرا وجلدا وعظما مخصصة بأحاديث الدباغ. المذهب السابع: أنه ينتفع بجلود الميتة وإن لم تدبغ، ويجوز استعمالها في المائعات واليابسات، قال النووي: وهو مذهب الزهري وهو وجه شاذ لبعض أصحابنا لا تعريج عليه ولا التفات إليه انتهى.
واستدل لذلك بحديث الشاة باعتبار الرواية التي لم يذكر فيها الدباغ، ولعله لم يبلغ الزهري بقية الروايات وسائر الأحاديث وقد رده في البحر بمخالفة الاجماع.
وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (ص) يقول أيما إهاب دبغ فقد طهر رواه أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي وقال: قال إسحاق عن النضر بن شميل: إنما يقال الإهاب لجلد ما يؤكل لحمه. وعن ابن عباس عن سودة زوج النبي (ص) قالت: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا. رواه أحمد والنسائي والبخاري وقال: إن سودة مكان عن. وعن عائشة أن النبي (ص) أمر أن ينتفع بجلود الميتة إذا دبغت رواه الخمسة إلا الترمذي. والنسائي: سئل النبي (ص) عن جلود الميتة فقال: دباغها ذكاتها. وللدارقطني عنها عن النبي (ص)