في آخر القوم لم يصليا معه، فقال: علي بهما، فجئ بهما ترعد فرائصهما قال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا؟ قال فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة قال الشافعي في القديم: إسناده مجهول لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه، ولا لابنه جابر راو غير يعلى. قال الحافظ:
يعلى من رجال مسلم، وجابر وثقه النسائي وغيره، وقال: وقد وجدنا لجابر راويا غير يعلى أخرجه ابن منده في المعرفة، ومن حجج أهل القول الثاني حديث الباب فإنه صريح في المطلوب، ولان تأدية الثانية بنية الفريضة يستلزم أن يصلي في يوم مرتين، وقد ورد النهي عنه من حديث ابن عمر مرفوعا: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين عند أبي داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان وأما جعله مخصصا بما يحدث فيه فضيلة فدعوى عاطلة عن البرهان، وكذا حمله على التكرير لغير عذر. وفي الحديث دليل على أنه لا بأس بإعادة الصبح والعصر وسائر الصلوات، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطلق الامر بالإعادة ولم يفرق بين صلاة وصلاة، فيكون مخصصا لحديث لا صلاة بعد العصر وبعد الفجر، ولأصحاب الشافعي وجه أنه لا يعيد الصبح والعصر تمسكا بعموم حديث: لا صلاة ووجه أنه لا يعيد بعد المغرب لئلا تصير شفعا. قال النووي: وهو ضعيف، قلت: وكذلك الوجه الأول لأن الخاص مقدم على العام، وهم يوجبون بناء العام على الخاص مطلقا كما تقرر في الأصول لهم، واحتج من قال بأنهما فريضة بعدم المخصص بالاعتداد بأحدهما، ورد بحديث: لا ظهران في يوم. وحديث: لا تصلي صلاة في يوم مرتين.
وعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ستكون عليكم بعدي أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها فصلوا الصلاة لوقتها، فقال رجل: يا رسول الله أصلي معهم؟ فقال: نعم إن شئت رواه أبو داود وأحمد بنحوه. وفي لفظ: واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا.
الحديث رجال إسناده في سنن أبي داود ثقات، وقد أخرجه أيضا ابن ماجة، وسكت أبو داود والمنذري عن الكلام عليه، وقد عرفت ما أسلفناه عن ابن الصلاح والنووي وغيرهما من صلاحية ما سكت عنه أبو داود للاحتجاج. وحديث أبي ذر الذي قبله يشهد لصحته. وفيه دليل على وجوب تأدية الصلاة لوقتها، وترك ما عليه أمراء الجور من التأخير وعلى استحباب الصلاة معهم، لأن الترك من دواعي الفرقة وعدم الوجوب لقوله