في البيع أن يبيعه على البائع، بدعوى أنه مستلزم للدور، لأن بيعه له يتوقف على ملكيته له المتوقفة على بيعه.
وقد استشكل فيه: بأن هذا يتم لو أريد من الشرط المبحوث عنه المعنى الفلسفي وهو ما يلزم من عدمه العدم، إذ الشرط المزبور - أعني شرط البيع على البائع - يتوقف على البيع والبيع يتوقف عليه، فيلزم الدور.
ولكن الأمر ليس كذلك، فإن المراد بالشرط ههنا معناه الفقهي وهو الالتزام، وعليه فلا يتحقق الدور.
والتحقيق أنه يمكن أن يقرب الدور حتى على المعنى الفقهي للشرط.
بيان ذلك: إن الشرط المتعلق بالفعل عبارة عن الالتزام المبني عليه العقد بحيث يكون بمنزلة الموضوع للعقد - على ما تقدم تحقيقه -. ومن الواضح أن الالتزام لا يمكن أن يتعلق بما ليس بمقدور بل لا بد و أن يتعلق بالمقدور، ولذا أرجعنا شرط النتيجة إلى الجعل والقرار والاعتبار دون الالتزام.
ولا يخفى أنه لا يعقل بيع الشئ على مالكه، لأنه تمليك للمبيع ولا معنى له بالنسبة إلى مالك المبيع.
وعليه، نقول: إن التزام المشتري البيع على البائع لا يكون إلا بلحاظ خروجه عن ملك البائع، إذ البيع على المالك غير متصور فلا يمكن تعلق الالتزام به، وخروج المبيع عن ملك البائع إنما هو فرع صحة البيع، فالالتزام بالبيع على البائع متوقف على صحة البيع، والحال أن صحة البيع متوقفة على الالتزام لبناء العقد عليه وكونه بمنزلة الموضوع كما عرفت، فيلزم الدور والخلف.
ودعوى: إن ما يبتني عليه البيع وصحته هو نفس الالتزام وهو حاصل بالفعل.
والتقييد بصحة البيع راجع إلى متعلق الالتزام وهو الملتزم به، فما يتوقف على صحة البيع هو الملتزم به وما تتوقف عليه صحة البيع هو الالتزام، فلا دور.
مندفعة: بأن الالتزام وإن تحقق فعلا لكنه منوط بصحة البيع بنحو الشرط المتأخر بأي نحو صححناه، بحيث لو لم يتحقق ذلك الشرط في ظرفه لم يكن التزام أصلا.