مع أن الضرورة قائمة بعدم كون جميع ما في الكتاب الذي اختصره من كتاب الكشي مرضيا له، فإن فيها روايات الطعن علي زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وبريد بن معاوية من مشائخ أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وغيرهم، وفيها الأخبار المتناقضة، فهل يمكن أن تكون تلك الأخبار مختارا له؟ ولو كان كذلك لزم منه هدم إجماع الكشي.
وأما عبارته المتقدمة فمفادها غير مفاد إجماع الكشي على ما تقدم مستقصى مفاده، إلا أن يقال: إنه اتكل على إجماعه ونقله بالمعنى، وأخطأ في فهم المراد منه، وفيه ما فيه، بل الظاهر عدم اعتماده على إجماع الكشي، وقد طعن علي عبد الله بن بكير بجواز وضعه الرواية والكذب على زرارة، نصرة لمذهبه في محكي كتاب الطلاق من التهذيب والاستبصار.
قال بعد ذكر روايته عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في هدم كل طلاق ما قبله إذا تركت الزوجة حتى تخرج العدة ولو كان مئة مرة بهذه العبارة: " هذه الرواية في طريقها ابن بكير، وقد قدمنا أنه قال حين سئل عن هذه المسألة: هذا مما رزق الله من الرأي، ولو كان سمع ذلك لكان يقول: نعم رواية زرارة، ويجوز أن يكون أسند إلى زرارة نصرة لمذهبه، لما رأى أصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه، وقد وقع منه من اعتقاد الفطحية ما هو أعظم من ذلك " انتهى.
وأنت خبير بأن ما ذكره فيه لا يجتمع مع تصديقه إجماع الكشي لما عرفت أن لازم إجماع وثاقة الجماعة أو مع من بعدهم على زعم بعضهم، ولا يمكن دعوى احتفاف جميع رواياتهم بالقرائن الموجبة للاطمئنان أو القطع بالصدور سوى هذه الرواية من ابن بكير، هذا