وهي ان الحاكم على الشيئين يجب ان يكون مدركا لهما لان الحكم عبارة عن التصديق بثبوت امر لأمر أو سلبه عنه وذلك لا يتم الا بتصور الطرفين فلا بد ان يكون الحاكم يتصور لذينك الامرين الذين حكم على أحدهما بالآخر حتى يمكنه ذلك الحكم إذا ثبت هذا فنقول إذا أدركنا شخصا من الناس وعلمنا انه فرد من الانسان الكلى وليس بفرد من الفرس الكلى فالحاكم على الانسان الجزئي بكونه جزئيا للانسان الكلى وغير جزئي للفرس الكلى لا بد وأن يكون مدركا لموضوع الحكم وهو جزئي ولمحموله وهو كلي فاذن المدرك للجزئيات بعينه هو المدرك للكليات قال فهذه نكته قاطعه لا يرتاب فيها من له قليل فهم ولا ادرى كيف ذهل عنها السابقون مع حذاقتهم هذا كلامه.
أقول سبحان الله هل وجد آدمي في العالم بلغ إلى حده في وفور البحث والتفتيش وكثرة التصانيف والخوض في الفكر ثم بعد عن الحق (1) هذا البعاد واحتجب عن البصيرة هذا الاحتجاب حتى عمى عن ملاحظة نفسه في أفاعيلها المختلفة بعضها من باب التفكر وبعضها من باب الحس وبعضها من باب حركه ولم يعلم أن النفس هي المدرك العاقل الشام الذائق الماشي النامي المتغذي المشتهي الغضبان وغير ذلك وهي الفاعلة لهذه الأفاعيل الكثيرة بآلات مختلفه ولها أيضا أفعال وانفعالات بلا آله كتصورها لذاتها وتصورها للأوليات واستعمالها للآلات إذ لا آله بينها وبين استعمالها للآلة فأي مفسده ترد على الحكماء في أن تفعل أو تدرك النفس بعض الأشياء بذاتها وبعضها بالإله فتدرك هذا الشخص الانساني بالحس وتدرك الانسان المعقول بالذات ثم تحكم على ما أدركته بالحس بما أدركته بالذات فتقول هذا الشخص انسان وكأنه بطول إمامته وعرض مولويته ظن ادراك الشئ بالإله معناه ان المدرك حينئذ يكون هي آله النفس ولا شعور ولا خبر للنفس عن ما تدرك بالإله وهذا من أسوء الظنون حيث (2) زعم أحد ان في