طبيعي له ذات واحده وصوره واحده وهي وجوده وبها هويته وشخصيته فمن حيث كونها مبدء الحركات والانفعالات المادية طبيعة ومن حيث ادراكها وتدبيرها نفس.
وأيضا قد علمت في الفصل السابق ان النفس التي فينا هي بعينها مبدء الحس وحركه والتخيل والوهم والتعقل كل ذلك بالبرهان فقد ثبت وتحقق حقية كلام الأقدمين ان المحرك الأول للحركات الذاتية امر متحرك لذاته يعنى بهويته ووجوده، وان النفس هي المحركة الأولية فيما له نفس إليها يتراقى التحريك من الأعضاء بالعضل والأعصاب وذلك من حيث كونها عين الطبيعة المتجددة الهوية لذاتها وبها يقع جميع الحركات والاستحالات حتى القسرية والاتفاقية والإرادية لما مر ان مرجعها إلى الطبيعة والنفس.
واما قولهم ان ما يتحرك لذاته فهو لا يموت فكلام حق لان مرادهم منه ان ما ينبعث حركته من ذاته ومقوم صورته لا من غير لا يموت فالأجسام بما هي أجسام مائته (1) لان مبدء حركاتها امر خارج عن جسميتها أعني الجسم بالمعنى الذي هو مادة، وكل ما ينبعث حركه من ذاته فهو لا محاله متوجه إلى الكمال الذاتي الجوهري، وكل ما يتوجه (2) نحو الكمال بحسب الفطرة الأولى فهو لا يموت بل يتحول من نشأة إلى نشأة أخرى ومن دار إلى دار أعلى وحركه المنبعثة (3) عن الذات ليست