ونحن وجهنا قوليهما في قدم النفوس وحدوثها على وجه يتوافق مغزاهما ويتحد معناهما كما أشرنا إليه.
اما حجه كل من الفريقين فالمتعصبون لمذهب أفلاطون احتجوا عليه بثلاث حجج:
الأولى (1) ان كل ما يحدث فإنه لا بد له من مادة مخصصه تكون باستعدادها سببا لان يصير أولى بالوجود بعد أن لم يكن فلو كانت النفوس حادثه لكانت مادية، والتالي باطل فالمقدم كذلك.
والثانية ان النفوس لو كانت حادثه لكان حدوثها بحدوث الأبدان لكن الأبدان الماضية غير متناهية فالنفوس الماضية التي بإزائها غير متناهية لكن النفوس بالاتفاق باقيه بعد مفارقه الأبدان فالنفوس الحاصلة في هذا الوقت غير متناهية لكن ذلك أي وجود نفوس غير متناهية موجودة بالفعل معا محال لكونها تقبل الزيادة والنقصان مع أن كل ما كان كذلك فهو متناه فاذن ثبت ان النفوس الموجودة بالفعل متناهية فاذن ليس حدوث الأبدان سببا لحدوث النفوس فاذن حدوث النفوس عن عللها لا يتوقف على حدوث البدن واستعداد المادة فهي قديمه.
الثالثة انها لو كانت حادثه كانت غير دائمه إذ كل كائن فاسد وكل (2) ما هو ابدى فهو أزلي وقد ثبت انها باقيه أبدية كما سيجئ بيانه فهي اذن أزلية.
اما الجواب عن الأول فلما سيأتي تحقيقه على مذهبنا من كون النفس جسمانية