من أسباب الهلاك فافتقر لأجل طلب الغذاء إلى جندين باطن هو قوه الشهوة وظاهر هو البدن والأعضاء الجالبة للغذاء فخلق في القلب جنود كثيره من باب الشهوات كلها تحت قوه الشهوة وخلقت الأعضاء التي هي آلات الشهوة وافتقر لأجل دفع المؤذيات والمهلكات إلى جندين باطن وهو قوه الغضب الذي به يدفع المهلكات وينتقم من الأعداء وظاهر وهو اليد والرجل الذي يعمل به بمقتضى الغضب وكل ذلك بأمور خارجه من البدن كالأسلحة وغيرها ثم المحتاج إلى الغذاء إذا لم يعرف الغذاء الموافق لا ينفعه شهوة الغذاء وآلته فافتقر في المعرفة إلى جندين باطن وهو ادراك البصر والسمع والذوق والشم واللمس وظاهر وهو العين والاذن والأنف وغيرها وتفصيل وجه الحاجة إليها ووجه الحكمة فيها مما يطول شرحه ولا يحويها مجلدات كثيره فجملة جنود القلب يحصرها ثلاثة أصناف:
أحدها باعث مستحث اما إلى جلب المنافع النافع كالشهوة واما إلى دفع المضار المنافى كالغضب وقد يعبر عن هذا الباعث بالإرادة.
والثاني هو المحرك للأعضاء إلى تحصيل هذه المقاصد يعبر عن هذا الثاني بالقدرة وهي جنود مبثوثة في سائر الأعضاء لا سيما بالعضلات منها والأوتار.
والثالث وهو المدرك المتصرف (1) للأشياء كالجواسيس وهي مبثوثة في أعضاء معينه فمع كل واحد من هذه الجنود الباطنة جنود ظاهره هي الأعضاء التي أعدت آلات لهذه الجنود فان قوه البطش انما يبطش بالأصابع وقوة البصر انما تدرك بالعين وكذا سائر القوى ولسنا نتكلم في الجنود الظاهرة التي هي الأعضاء فإنها من عالم الملك والشهادة وانما نتكلم الان فيما أيد به من جنود لم تروها وهذا الصنف الثالث وهو الدراك من هذه الجملة تنقسم إلى ما أسكن المنازل الظاهرة وهي الحواس الخمس والى ما أسكن منازل باطنه وهي تجاويف الدماغ وهي أيضا خمسه، فهذه اقسام جنود القلب.
وقال أيضا اعلم أن جندي الغضب والشهوة قد تنقادان للقلب انقيادا تاما