غير التخيل فالحس المشترك يشاهد تلك الصور والخيال يتخيلها فهما قوتان متغايرتان.
واعترض صاحب المباحث المشرقية بان الصور المعقولة قد لا يكون النفس مشاهده لها ناظره إياها بل ذاهلة فتلك الصور في هذا الوقت في أي خزانة تكون؟.
فان قلتم انه إذا أقبلت النفس إلى المبدء الفياض فاضت عليه تلك الصورة، وإذا أعرضت انمحت وبطلت لكن النفس متى أحكمت ملكه الاتصال بالعقل فيكون متى تأهبت لادراك تلك الصور فاضت عليها منه.
قلنا فلم لا يجوز ان يكون كذلك في الصور الخيالية حتى أن الحس المشترك متى تأهبت لاستحضار تلك الصور فاضت (1) عليه من المبدء الفعال.
أقول القوة التي قد حصلت لها ملكه التوجه أو الاتصال بجوهر فعال يفيض عليها الصور من غير تجشم اكتساب جديد بفكر أو احساس غير القوة التي لم تحصل لها يعد هذه الملكة بل تحتاج في ادراكه إلى كسب كالاحساس كما في الحس المشترك أو الفكر كما في النفس فان النفس بما هي نفس ليس لها ان تدرك المطالب النظرية متى شائت من غير طلب وكسب الا بواسطة ملكه عقلية يحصل لها بعد تعدد الادراكات وتعاقب الأفكار وترادف الأنظار وقوة تلك الملكة نور عقلي راسخ الوجود فاض عليها من المبدء وهو عندنا جوهر (2) فوق النفس ودون العقل الفعال فهكذا نقول في هذا المقام ان ادراك المحسوسات أولا غير محتاج إلى ملكه بل إلى شئ كاسب من حس أو شئ آخر واما حفظها فيحتاج (3) إلى زيادة ملكه وشده في القوة المدركة حيث يمكنها استحضار ما وقع الذهول عنه من الصور المحسوسة بعد غيبه أسبابها عن الحس وقد سبق